ثم الاختصار لكونه من الأمور النسبية في مقام تحقيق الإيجاز أنه لا يفرق بين العبارتين.
(وفيه نظر) قد يقصر نظر المصنف، وفات عنه أمران ظاهران:
أحدهما: أنهم جعلوا نحو: نعم الرجل زيد من الإطناب، ولا عبارة للأوساط غيره.
وثانيهما: أنه لم يحفظ تعريف الإيجاز عن دخول الإخلال.
وتعريف الإطناب عن الحشو والتطويل؛ (لأن كون الشيء أمرا نسبيا لا يقتضي تعسر تحقيق معناه) لأن كثيرا من النسبيات يعرف تعريفات جامعة مانعة، وقد عرفت أن مراد السكاكي بتعسر التحقيق تعسر تحقيق مقدار الإيجاز والإطناب لا تعسر تعيين مفهوميهما.
قال الشارح: كيف وقد تبين مفهوماهما في كلام السكاكي، وفيه أنه تبين بالبناء على أمر عرفي على طبق دعواه أنه لا يتيسر إلا بالبناء عليه، (ثم البناء على المتعارف والبسط الموصوف رد إلى الجهالة).
وأجاب عنه الشارح بأن عرف الأوساط معلوم للبليغ وغيره، فتعيين الإيجاز والإطناب به نافع للكل، وأما البناء على البسط الموصوف فإنما ينفع البليغ؛ لأنهم يعرفون أن كل مقام يقتضي أي مقدار من البسط وفيه بحث؛ لأنّ متعارف أوساط العرب لا يتيسر للعجم، فالتعريف لا ينفع إلا بمتتبع لغة العرب، والتضيف عام لكل محصل فهو رد إلى الجهالة لكثير من المخاطبين، وأن البليغ لا يحتاج إلى علم المعاني، فتعريفات الفن لطالبي البلاغة، لا للبلغاء فالتعريف لما يخص معرفته بالبلغاء رد إلى الجهالة، نعم إنما ينفع التعريف؛ لأن معرفة ما سبق في الأبواب السابقة يكفل من معرفة المقامات ما يكفي في معرفة البسط اللائق بالمقام.
(والأقرب) إلى الصواب وإلى الفهم (أن يقال: المقبول من طرق التعبير عن المراد)(١) احتراز عن غير المقبول من الإخلال والتطويل والحشو تأدية أصله،
(١) إضافة أصل إلى المراد بيانية، وأصل المراد هو المعنى الأول الذي يقصد المتكلم به إفادته للمخاطب ولا يتغير بتغير العبارات، واعتبار الخصوصيات. بغية الإيضاح ص ١١٢.