للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الأولى تأديته؛ لأن المراد بالمراد أصله، بل الأولى المقبول من طرق التعبير عن أصل المراد تأديته، (بلفظ مساو له) (١)

أي: لأصل المراد (أو) بلفظ (ناقص عنه واف أو) بلفظ (زايد عليه لفائدة) واعتمد في معرفة أن الأول مساواة، والثاني إيجاز، والثالث إطناب بإشعار المفهومات بذلك، كما لا يخفى.

وهاهنا أبحاث:

الأول: أنه أراد بالمقبول المقبول مطلقا، سواء كان من البليغ أو من الأوساط، فالزائد والناقص غير مقبولين من الأوساط؛ لأنهما خروج عن طريقهم لا لداع، وإن أراد المقبول من البليغ فليس المساوي والناقص الوافي مقبولين مطلقا، بل إذا كانا لداع.

والثاني: أن قولنا: جاءني إنسان، وقولنا: جاءني حيوان ناطق، كلاهما تأدية أصل المراد بلفظ مساو له، فينبغي أن لا يكون أحدهما إطنابا، والآخر إيجازا وبالجملة لا يشمل تعريف الإيجاز إيجاز القصر.

والثالث: أن قولنا: حمدا لك، ونظائره مساواة بتعريف السكاكي إيجاز بتعريفه، فنزاعه مع السكاكي في نقل اصطلاح القوم، ومثله لا يسمع منه بدون سند قوي، ولو قيل: المراد المساوي بحسب عرف الأوساط (فتعريفه يئول إلى ما ذكره السكاكي) ويرد عليه ما أورد عليه.

الرابع: أن الإيجاز والإطناب والمساواة، مختصة بالكلام البليغ، كما علم من تقسيم، الفن إلى الأبواب الثمانية، فلا يتم تعريف الإيجاز والإطناب ما لم يقيّد بالبلاغة، لجواز أن يكون الناقص الوافي غير فصيح، وكذا الزائد لفائدة.

(واحترز بواف عن الإخلال) وهو أن يكون اللفظ ناقصا عن أصل المراد غير واف ببيانه، وإنما احترز عنه ليتم التعريف المشار إليه للإيجاز أو لئلا يكذب


(١) على هذا تكون المساواة داخلة في المقبول من طرق التعبير عن المعنى، وقد قيل: إن هذا يخالف ما سبق عن السكاكي من أنها تحمد ولا تذم، والحق أنه لا خلاف بين السكاكي والخطيب في ذلك؛ لأن ما ذكره السكاكي هو أنها لا تحمد من باب البلاغة، وهذا لا ينافي قبولها من أوساط الناس، ولهذا حكم فيما سبق بأنه لا بد من الاعتراف بكلام هؤلاء الأوساط، والخطيب يعني بالمقبول من طريق التعبير ما يشمل قبول هذا من الأوساط، ولا يريد ما يقبل في البلاغة فقط.

<<  <  ج: ص:  >  >>