للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[وقدّدت الأديم لراهشيه] التقديد: التقطيع، والأديم: الجلد، والراهشان: عرقان في باطن الذراعين، والضمير في راهشيه وألفي لجذيمة، وفي قددت وقولها للزباء [(وألفى قولها كذبا ومينا)] (١) الكذب يرادف المين، ولا فائدة في الجمع بينهما ولا يبعد أن يجعل ذلك حشوا مفسدا، لأن عطف المين يفيد المغايرة، وهي باطلة (وعن الحشو المفسد كالندى في قوله) أبي الطيب:

[(ولا فضل فيها) أي: في الدنيا (للشّجاعة والنّدى] [وصبر الفتى لولا لقاء شعوب)] (٢).

شعوب بالفتح علم المنية، سمى لها لأنها تفرق الاجتماع غير منصرف للعلمية والتأنيث، كسرت للضرورة، وهل انصرفت كما قال الشارح فيه تردد؛ لأن الجر بالكسر يحصل لجميع باب ما لا ينصرف باللام والإضافة، مع أن البعض غير منصرف بالاتفاق، فمجرد الكسر بلا تنوين لا يدل على الانصراف، فالمعنى أنه لا فضيلة في الدنيا للشجاعة والعطاء والصبر على الشدايد على تقدير عدم الموت، وهذا يصح في الشجاعة والصبر دون العطاء؛ فإن الخلود يزيد الحاجة إلى المال فزيد فضل العطاء مع الخلود، وقيل: المراد بالندى بذل النفس فلا يكون حشوا مفسدا، ورده الشارح بأنه لا يفهم من لفظ الندى وبأنه لا معنى لبذل النفس على تقدير عدم الموت إلا أن يؤول بعدم التحرز عن الهلاك، وهذا بعينه معنى الشجاعة ورد الشارح إنما يتم لو كان مراد القائل تصحيح الشعر كما يشعر به عبارة المصنف في الإيضاح.

أما لو كان المناقشة في كونه حشوا مفسدا فلا؛ لأنه على مقتضى رده الأول يكون إيجازا مخلا، وعلى مقتضى رده الثاني يكون تطويلا، إلا أن يقال: يتعين


(١) البيت لعدي بن الأبرش وقيل لعدي بن زيد العبادي من قوله:
وفاجأها وقد جمعت جموعا ... على أبواب حصن مصلتينا
وقددت الأديم لراهشيه ... وألفى قولها كذبا ومينا
وانظر البيت في الإيضاح: ١٧٤، والإشارات والتنبيهات: ١٤٣.
(٢) البيت أورده القزويني في الإيضاح: ١٧٤، ومحمد بن علي الجرجاني في الإشارات: ١٤٣. شعوب:
المنية، ومعنى البيت أن الفضل فيما نعده في فضائل الحياة الدنيا إنما يعود إلى تيقن الإنسان أنه فان غير مخلد.

<<  <  ج: ص:  >  >>