للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مبهم، فالتقدير فعل شيئا هو الغاية في ذلك، وحذف مثل هذا الجزاء لتذهب النفس كل مذهب ممكن بخصوصه، حتى يقر الجزاء عليه، ويكون بعد ذلك شاملا في تعيينه من عند نفسه أو ليفهم أن الجزاء ذلك حذف للمبالغة في علوه بتخييل أن ترك ذكره للدلالة على أنه لا يحيط به الوصف.

(مثالهما وَلَوْ تَرى إِذْ وُقِفُوا عَلَى النَّارِ (١) وقوله تعالى: حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها (٢) ولا أظن بك أن تقتصر في نكات حذف جواب الشرط على ما ذكر بل ترى فيه ما سمعت سابقا سريع الجريان، كاختيار تنبه السامع أو مقدار تنبهه أو الاحتراز عن العبث بناء على الظاهر أو تخييل العدول إلى أقوى الدليلين من العقل، واللفظ أو تعينه أو ادعاء تعينه، وكأن تخصيص هؤلاء بالذكر للتنبيه على كثرة اعتبارها في هذا الحذف؛ ولهذا لم يتعرض لنكتة الحذف في سائر المحذوفات.

(أو غير ذلك) عطف على قوله: أو جواب الشرط لا مجرور ويرشدك إليه (نحو لا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقاتَلَ) (٣) والمراد بغير ذلك المسند إليه والمسند، والفعل والمفعول والحال نحو: البر الكرّ بستين، أي: منه والمستثنى لا المستثنى منه؛ لما عرفت أنه لم يجعل حذفه موجبا للإيجاز والمضاف إليه، نحو: بين ذراعي وجبهة الأسد ونحو: يا رب، ويا غلام.

قال الشارح: وجواب القسم نحو: وَالْفَجْرِ وَلَيالٍ عَشْرٍ (٤) وجواب لما ولا شبهة في أن جواب القسم جملة، فإدخاله تحت قوله: أو غير ذلك وهم، وما ذكره في المختصر من أن المراد بالجملة كلام مستقل لا يكون جزءا من كلام آخر؛ ولذا عد جواب الشرط جزءا لجملة ينتقد بجعل قوله: لِيُحِقَّ الْحَقَّ (٥) من حذف الجملة؛ لأن المحذوف جزء جملة أخرى هي مجموع الجملة ومتعلقه، والأظهر أن جواب «لما» داخل تحت قول المصنف: أو جواب شرط. قال سيبويه:


(١) الأنعام: ٢٧.
(٢) الزمر: ٧٣.
(٣) الحديد: ١٠.
(٤) الفجر: ١، ٢.
(٥) الأنفال: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>