للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«لما» ظرف بمعنى «إذ» يستعمل استعمال الشرط نحو كلما (أي: ومن أنفق من بعده وقاتل) بمعنى المحذوف المعطوف مع حرف العطف (بدليل ما بعده) وهو قوله: أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقاتَلُوا (١) ويحتمل الآية، والله أعلم أن لا يكون فيه حذف وتفسير بأنه لا يستوي منكم جماعة أنفقوا من قبل الفتح، وهم مع اشتراكهم في الإنفاق قبل الفتح متفاوتون لتفاوتهم في الإنفاق والإخلاص فيه، ويكون قوله: أُولئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً بيان أنه مع تفاوت درجاتهم أعظم درجة من الذين أنفقوا من بعد وقاتلوا.

(وإما جملة) عطف على قوله إما جزء جملة (مسببة عن مذكور نحو:

لِيُحِقَّ الْحَقَّ وَيُبْطِلَ الْباطِلَ (٢) أي: فعل ما فعل، ومنه قول أبي الطيب:

أتى الزّمان بنوه في شيبته ... فسرّهم وأتيناه على الهرم (٣)

أي: فساءنا (أو سبب لمذكور نحو) (قوله تعالى: فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ (٤) أي: قدر فضربه بها، ويجوز أن يقدر فإن ضربت بها فقد انفجرت).

قال الشارح: فيكون المحذوف جزء جملة هو الشرط.

قلت: جزء من الجزاء أيضا هو كلمة قد وهذه الفاء التي يطلبها محذوف يسمى فاء فصيحة، فقيل: على تقدير أن يكون المقدر الشرط، وهو ظاهر كلام «الكشاف»، وقيل: على تقدير كون المحذوف جملة مستقلة، وهو ظاهر كلام «المفتاح» أنها فصيحة، وقيل: على التقديرين. قال الشارح: والمشهور في تمثيلها قوله:

قالوا خراسان أقصى ما يراد بنا ... ثم القفول فقد جئنا خراسانا (٥)

وكأنه أراد به تأييد ما ذكره الكشاف؛ لأنه مقدر فيه الشرط كما قال في شرح


(١) الحديد: ١٠.
(٢) الأنفال: ٨.
(٣) انظر البيت في الإيضاح: ١٨٥.
(٤) البقرة: ٦٠.
(٥) البيت للعباس بن الأحنف حين خرج مع هارون الرشيد إلى خراسان. في دلائل الإعجاز ص ٩٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>