للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«المفتاح» أي إن صح ما قالوا فقد آن لأنا جئنا خراسانا، ويحتمل أن يقدر جملة مستقلة أي: امتثلنا ما قصد بنا أو قضينا ما قصد بنا فقد جئنا خراسانا (أو غيرهما) أي: غير المسبب والسبب (نحو قوله: فَنِعْمَ الْماهِدُونَ (١) على ما مر) في بحث الاستيناف من أن التقدير هم نحن على قول (وإما أكثر من جملة نحو أَنَا أُنَبِّئُكُمْ بِتَأْوِيلِهِ فَأَرْسِلُونِ يُوسُفُ (٢) أي: إلى يوسف لأستعبره الرؤيا وأخبركم بتعبيره ففعلوا فأتاه وقال له يا يوسف) وما ينبهك عليه البصيرة الوقادة، أما المراد بالأكثر من جملة جملتان أو أكثر، لا جملة وبعضها أيضا كما يوهمه ما ذكره في بيان تقدير الآية؛ لأن الجملة وبعض جملة من اجتماع القسمين، فالمقصود بالتمثيل حذف ففعلوه فأتاه، وقال له ولا يخفى أن التقدير أكثر مما ذكره؛ إذ التقدير أرسلون إلى يوسف لأستعبره الرؤيا وأخبركم بتعبيره ففعلوا إلخ.

(والحذف على وجهين):

أحدهما: (أن لا يقام شيء مقام المحذوف كما مر) يشعر كلامه بأن ما مر من الأمثلة كله مما لم يقم فيه شيء مقام المحذوف، وليس كذلك فإن المحذوف في قوله وَسْئَلِ الْقَرْيَةَ (٣) مما قام فيه القرينة مقام المحذوف، فمثال القسمين مر، لكن مثال القسم الثاني مر على المصنف (و) الثاني (أن يقام) شيء مقام المحذوف (نحو وَإِنْ يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ (٤) أي: فلا تحزن واصبر) والأظهر أن التقدير فلا يقدح في رسالتك فإنه قد كذبت رسل من قبلك.

قال الشارح: إنما جعل الجزاء المحذوف؛ لأن تكذيب الرسل من قبله متقدم على تكذيبه فلا يصح وقوعه جزاء له، بل هو سبب لعدم الحزن والصبر فإن البلية إذا عمت طابت، ونحن نقول: إذا تقدم زمان الجملة الحالية على زمان عاملها لجعل القصة حالا، ولا يخفى أنه جاز في هذا المقام، ولا يذهب


(١) الذاريات: ٤٨.
(٢) يوسف: ٤٥، وجزء من الآية: ٤٦.
(٣) يوسف: ٨٢.
(٤) فاطر: ٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>