المقصود مختل؛ لأنه وإن خلا عن هذا الخلل لم يخل عن تحير السامع أنه ماذا أريد.
(يعرف به) شاع استعمال المعرفة في إدراك الجزئيات تصورا كان أو تصديقا، واستعمال العلم في إدراك الكليات كذلك، فالمعنى: علم يعرف به (إيراد) كل واحد يدخل في قصد المتكلم على أن اللام في (المعنى الواحد) للاستغراق العرفي، والمراد بقوله «يعرف به» يعرف برعايته؛ إذ لو لم يراع، ولم يعرض عليه المعنى الواحد الوارد على قصد المتكلم لم يعرف إيراده، وهذا هو العرف في وصف العلوم بمعرفة الجزئيات بها.
قال الشارح: فلو عرف من ليس له هذه الملكة إيراد معنى قولنا: زيد جواد في طرق مختلفة لم يكن عالما بعلم البيان. أقول: بل لو عرف من ليس له هذه الملكة إيراد كل معنى يدخل في قصد المتكلم كالعرب المتكلم بالسليقة لم يكن عالما بعلم البيان، وفسر القوم المعنى الواحد بما يدل عليه الكلام الذي روعي فيه المطابقة لمقتضى الحال، واعترض عليه الشارح بأنه مما لا يفهم من العبارة، وكلامهم في مباحث البيان لا يساعده؛ لأن المفرد يأسره، وهو معظم مباحث البيان وكثيرا من أمثلة الكناية إنما هي مفردات، ويمكن دفعه بأن تخصيص المعنى الواحد بمعنى الكلام البليغ لاشتهار أن موضوع الفن اللفظ البليغ على أن وصف المعنى بالواحد يحتمل أن يكون باعتبار وحدة يحصل للمعنى باعتبار ترتيبه في النفس بحيث لا يصح تقديم جزء على جزء، وهذا هو الوحدة المعتبرة في نظر البليغ.
وأما المجاز المفرد وأمثاله فالبحث عنه راجع إلى البحث عن الكلام البليغ.
قال الشارح: وتقييد المعنى الواحد للدلالة على أنه لو أورد معان متعددة بطرق مختلفة كذلك لم يكن ذلك من البيان في شيء، ولا يخفى أن هذه الدلالة مستغنى عنها باللام الاستغراقية فإنه في معنى إيراد كل معنى دخل في قصد المتكلم بطرق مختلفة في وضوح الدلالة، وقد احترز به عن ملكة الاقتدار على إيراد المعنى العاري عن الترتيب الذي يصير به المعنى معنى الكلام المطابق لمقتضى الحال بالطرق المذكورة، فإنها ليست من علم البيان.