للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المختلفة، فالوجه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه أن المراد بوضوح الدلالة: الوضوح الذي يدفع به التعقيد المعنوي علم البيان، فلا يتأتى الإيراد المذكور في الدلالات المطابقية، وإنما خص بحث البيان بتلك الطرق؛ لأن ما عداها مفروع عنه فيما عداه من علوم العربية، كما مر نبذ منه في المقدمة (ويأتي بالعقلية).

قال المصنف: إنما يتأتى بالدلالات العقلية؛ لجواز أن يكون الشيء لوازم بعضها أوضح لزوما من بعض، فأراد باللوازم ما يعم الجزء، وإلا لم يف بيانه بالدلالات العقلية مطلقا وسيسلك في هذا الكتاب هذا المسلك، وبعد يردّ عليه أن اللازم ما لم يكن ملزوما لا ينتقل منه كما صرح هو به في غير هذا الموضع.

فينبغي أن يكون لجواز أن يكون للشيء ملزومات لزومه لبعضها أوضح منه للبعض، وبالجملة بيانه.

أما في الالتزام فبأن يكون البعض ملزوما بذاته، والبعض يعرف أو اصطلاح أو قرينة واضحة أو خفية، وأن يكون البعض ملزوما بلا واسطة، والبعض بواسطة، يفهم اللازم من الملزوم بلا واسطة أوضح من فهمه من الملزوم بواسطة، لأن الانتقال من الملزوم أولا إلى لازمه ثم إلى لازم لازمه، وأما في التضمن فبأن دلالة الكل على الجزء أوضح من دلالة لفظ الكل على جزء الجزء؛ لأن الانتقال أولا إلى الجزء ثم إلى جزء الجزء، فيكون دلالة الحيوان على الجسم أوضح من دلالة الإنسان عليه، واعترض عليه الشارح بأنه ينبغي أن يكون الأمر بالعكس؛ لأن فهم الجزء سابق على فهم الكل، فالمفهوم من الإنسان أولا هو الجسم، ثم الحيوان ثم الإنسان متساوى الإنسان والحيوان في الدلالة على الجسم؛ لأن المفهوم منهما أولا هو الجسم، وليس لك أن تجعل الاعتراض أنه ينبغي أن يكون دلالة الإنسان على الجسم أوضح من دلالة الحيوان عليه؛ لأن دلالة الحيوان عليه أوضح من دلالته المطابقية، ودلالة الإنسان عليه أوضح من الأوضح من دلالته المطابقية، والأوضح من الأوضح من الشيء أوضح من ذلك الشيء؛ لأنا نقول: الأوضح من الأوضح من الدلالة المطابقية لشيء أوضح من الدلالة المطابقية له، لا من الدلالة المطابقية لشيء آخر فتأمل.

<<  <  ج: ص:  >  >>