للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالنظر إلى نفس الدلالة، ودلالة الالتزام كذلك؛ لأنها من حيث إنها دلالة الالتزام قد تكون واضحة كما في اللوازم القريبة، وقد يكون خفية كما في اللوازم البعيدة بخلاف المطابقة، فإن فهم المعنى المطابق واجب قطعا عند العلم بالوضع والتفاوت في سرعة الحضور وبطئه، إنما هو من جهة سرعة تذكر السامع للوضع وبطئه؛ ولهذا يختلف باختلاف الأشخاص والأوقات.

هذا وفيه بحث؛ لأن الانتقال المسمى إلى الخارج من شرائط الدلالة الالتزامية، وتذكر الوضع من شرائط الدلالة المطابقية، وجعل الاختلاف لتفاوت الانتقال سرعة وبطئا، اختلافا لذات الدلالة دون الاختلاف لتفاوت التذكر، كذلك يحكم على أنه يقتضي أن لا يعتبر اختلاف الطرق في الوضوح والخفاء باعتبار الدلالات الالتزامية، بسبب لزوم حاصل من التأمل في القرائن، فإنه اختلاف لا لذات الدلالة، بل من جهة سرعة النسبة للقرينة وبطئه لاختلاف القرائن وضوحا وخفاء، وكذلك تختلف تلك الدلالات باختلاف الأشخاص، فالوجه أن يقال: ولا يتأتى الاختلاف المذكور في الدلالات الوضعية؛ لأن المراد اختلاف بالنسبة إلى البلغاء.

والاختلاف في المعاني الوضعية بسرعة التذكر وبطئه يستوي فيه العامة والخاصة على أنه لا يبعد أن يقال: لا يتحقق ذلك الاختلاف في الكلام البليغ؛ لأن البلاغة بعد الفصاحة، وهي لا تكون إلا بألفاظ كثيرة الدوران على ألسنتهم، ولا يتجه عليه ما أورده الشارح على بيانهم من أن العلم بوضع الألفاظ لا يستلزم عدم الاختلاف؛ لأن العلم قد يتفاوت؛ لأنه قد يكون جازما وقد يكون غير جازم؛ لأن ذلك التفاوت أيضا مشترك بين العامة والخاصة، على أن التفاوت في العلم بالوضع لا يوجب التفاوت في الوضوح والخفاء لأن التفاوت في الوضوح بسرعة الفهم وبطئه، والظن بالوضع لا يوجب بطئه الانتقال، بل ينتقل من الظن بسرعة إلى المدلول إلا أن الانتقال قد يكون إلى ظنه فتأمل.

نعم يتجه على هذا الوجه، ما اتجه على ما ذكروه من أن عدم جريان الطرق المختلفة في الدلالة الوضعية، لا يوجب إسقاطه عن بطئها البياني، فإنه يكفي جريانها في جميع الدلالات فلتكن الدلالة الوضعية واحدة من الطرق

<<  <  ج: ص:  >  >>