الشرح: هو الصوت الذي أخفى حتى كأنه لا يخرج عن فضاء الفم، لكن في القاموس: هو الصوت الخفي، وكل خفي أو أخفي ما يكون من صوت القدم (والنكهة) أي: ريح الفم أو النفس المخرج من الفم إلى أنف آخر، والأخيرة هو الملائم بالعنبر (و) الأول هو الملائم بريح (العنبر والريق) أي: ماء الفم (والخمر) وهو ما أسكر من عصير العنب أو عام، ورجح العموم بأنه حرمت وما بالمدينة خمر عنب، وما كان شرابهم إلا البسر والتمر (والجلد الناعم) أي: اللين (والحرير).
قال الشارح المحقق: وهذا كله مما فيه نوع تسامح إلا في الصوت الضعيف، والهمس والنكهة، وذلك لأن المدرك بالبصر إنما هو لون الخد والورد، وبالشم رائحة العنبر، وبالذوق طعم الريق والخمر، وباللمس ملامسة الجلد الناعم والحرير ولينهما لا نفس هذه الأشياء؛ لكونها أجساما، لكنه قد استمر في العرف أنه يقال أبصرت الورد، وشممت العنبر من حد علم أو نصر وذقت الخمر، ولمست الحرير من حد ضرب أو نصر.
هذا كلامه، وأجاز السيد السند في شرح المفتاح أن يكون مبنيا على العرف، ولا يكون تسامحا.
فإن قلت: مع ورود العرف كيف جزم الشارح بالتسامح، ورجح السيد السند كونه تسامحا؟ قلت: لأن السكاكي جرى في هذا المقام على الاصطلاحات، والظاهر أن المصنف بنى الأمر على العرف؛ لأنه لو لم يكن كذلك لأصلح هذا التسامح الذي وقع من المفتاح كما أصلح تسامحا آخر، وهو أنه مثّل للطرفين بالخد عن التشبيه بالورد ... وهكذا إلى آخر الأمثلة، ولا يذهب عليك أنه النكهة أيضا مع التسامح على أحد التوجيهين، وأن هذه أمثلة مما طرفاه حسيان، سواء جعل تشبيه الكلي بالكلي أو الجزئي بالجزئي، فالكل مشتمل على التسامح؛ لأن الكلي ليس حسيا.
قال في المفتاح: كالريق إذا شبه بالخمر على زعم القوم.
قال السيد السند في شرحه: يريد القوم المؤلفين بشربها، وفيه دفع لما يقال من أن طعم الخمر مكروه فليس له لذة طعم، هذا ولك أن تقول المراد على زعم