للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القوم الفساق، فإنهم يثبتون للريق لذة طعم، والأشبه أنه أراد زعم علماء البيان، حيث جعلوا التشبيه في لذة الطعم، وأشار إلى أن الأشبه أن تشبيه الريق بالخمر ليس في الطعم، بل في التذاذ روحاني، والمشبه به لذة النفس بالخمر فليس شيء من الطرفين حسيا (أو عقليان) عطف على قوله: حسيان، (كالعلم والحياة) في المختصر نقلا عن «المفتاح» و «الإيضاح» أن وجه الشبه بينهما كونهما جهتى إدراك، قال: والمراد بالعلم هاهنا ملكة يقتدر بها على إدراكات جزئية لا نفس الإدراك، ولا يخفى أنه جهة وطريق إلى الإدراك كالحياة.

هذا كلامه، ولا يخفى أن الملكة كما أنه سبب لإدراكات جزئية هي صور للجزئيات؛ ولذا وصفت بالجزئية كذلك هي سبب لإدراكات كلية هي صارت سببا لحصول الملكة، فإن الإدراكات إذا تكررت ورسخت تصير ملكة، والملكة تصير سببا لاسترجاع تلك الإدراكات بلا تجشم كسب جديد، فالإدراك أولا سبب لحصول الملكة، والملكة سبب لحصول الإدراك ثانيا، فلا يخفى أن الإدراك أيضا سبب للإدراك فلا صحة لنفس إرادة نفس الإدراك على أن سبب إدراك لإدراك غني عن الكسب، وبالجملة هو مدح العلم بأنه كالحياة تميز صاحبه عن الميت والجماد.

ولك أن تجعل وجه الشبه تميز الصاحب عن الجماد، وذا يصح على أي معنى تحمل العلم فتحمل، والأوجه أن وجه الشبه كونهما سببى انتفاع بالمرافق، فإنه لا انتفاع بدون العلم، كما أنه لا انتفاع بدون الحياة.

ولك أن تريد بالإدراك الوصول إلى الشيء فيكون معنى كونهما جهتي إدراك جهتي وصول إلى الشيء فيئول إلى الأوجه من الأوجه فتنبه، ولا تغفل فإن ملاك العلم التنبه، وملاك الغفلة التحصر والتأوه.

(أو مختلفان) بأن يكون المشبه عقليا، والمشبه به حسيا أو على العكس، فنبه على الأول بقوله (كالمنية) وهو الموت، وفسر بعدم الحيوة عما من شأنه.

وقال السيد السند: الأظهر أنه عدم الحياة عما اتصف بها، ويؤيد الأول قوله تعالى: وَكُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ (١) (والسبع) بفتح الباء وضمها وسكونها


(١) البقرة: ٢٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>