للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

في نفسه فتعديل تعريف المصنف باعتبار أمور تجعله موافقا لكلام الشيخ عدول عن طريق سلكه.

قال المصنف: (والمراد بالتخييل) أن لا يكون وجوده في المشبه به إلا على تأويل، وكأنه اقتصر في البيان على ما أوجده، وإلا فمفهوم ما يشتركان فيه تخييلا أعم؛ ولذا قال الشارح: هو أن لا يوجد في أحد الطرفين أو كليهما إلا على سبيل التخييل والتأويل (نجوما) أي: وجه شبه (في قوله) يعني القاضي التنّوخي (١) المنسوب إلى قبيلة تنوخ المسماة بمفعول من تنخ بالمكان أقام به سموا به لأنهم اجتمعوا فأقاموا في مواضعهم، ووهم الجوهري (٢)، فجعل النسبة إلى تنوخ من قبيل تقول. (وكأنّ النّجوم) جمع نجم كأنجم وهو الكوكب (بين دجاه) أي:

دجى الليل، والمرجع في البيت السابق، وروى دجاها فالضمير لليلة أو للنجوم، فالإضافة لأدنى ملابسة، والدجى كالعلى جمع دجية، وهي الظلمة بناء ومعنى (سنن) جمع سنة، وهي في اللغة السيرة، ومن الله حكمه وأمره ونهيه، وما سلكه النبي صلّى الله عليه وسلّم مع الترك أحيانا (لاح) أي: ظهر (بينهنّ ابتداع)] (٣).

الابتداع: الإنشاء، والبدعة: الحدث في الدين بعد كماله، والمراد بالابتداع على ما بين وجه التشبيه إحداث البدعة، ولا يخفى أن طرفي البيت لا يتلايمان فإنه جعل النجوم بين الدجى، والسنن بينهن الابتداع، والملايم أن تجعل بينهن الدجى أو السنن بين الابتداع وتحصيل الملائمة كما يمكن باعتبار القلب في الأول يمكن باعتباره في الثاني وأشار إليهما.

أما إلى الأول فبقوله: من خصوله من خصول أشياء مشرقة بيض في جوانب شيء مظلم أسود، فإن مفهومه أن جعل الدجى بين النجوم. وأما إلى الثاني فبقوله بالسنن بين الابتداع، وأشار إلى ترجيح الثاني بإيراد تفصيله وتوضيحه دون الأول، وكان وجه الترجيح أن التأويل دار بين المتقدم والمتأخر ترجيح المتأخر،


(١) القاضي التنوخي هو: علي بن محمد بن داود بن فهم.
(٢) الجوهري: أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري، لغوي من الأئمة، أشهر كتبه «الصحاح» توفي بنيسابور ٣٣٩٣ هـ.
(٣) البيت للقاضي التنوخي في المصباح ص ١١٠ وأسرار البلاغة ص ١٨٣ والإيضاح ٣٣٦ والمفتاح ص ٤٥١ بتحقيقنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>