ويكون أحرى به؛ لئلا يكون كالعمل قبل الحاجة، وكنزع الخف قبل الوصول إلى الماء، لكن لا يخفى أن الأول أنسب بالمقام وأبلغ، كيف؟ وفيه بيان كثرة النجوم وغلبتها على ظلام الليل كغلبة السنن في الإسلام على البدعة، والنكتة في القلب حينئذ الإشارة إلى أن الواقع كون الدجى ظرفا للنجوم، والقول بكون الدجى بين النجوم كما هو المقصود في هذا المقام بقرينة المشبه به قول تخييلي؛ لأنه كذلك تخييل في المرأى لغلبة النجوم على الدجى كما أن قلب سنن بين الابتداع للإشارة إلى أن السنن هي الأصل الذي حدث فيها البدعة، واللائق بأن يجعل ظرفا للبدعة دون العكس، وإن دعت الحاجة إليه.
وقال الشارح: هو للإشارة إلى كثرة السنن، حتى كانت البدعة هي التي تلمع بينها (فإن وجه الشبه فيه) أي: في هذا التشبيه (هو الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض، في جوانب شيء مظلم أسود) هي الظلمات، ولا يخفى أن جعل الظلمة وإن كان لها وجه من أنها مظلمة بذاتها كما أن الضوء مضيء بذاته، لكن جعلها سوداء وقابلته اللون مما لا يوجد له مساغ، فلا يكون تلك الهيئة في المشبه أيضا إلا تخييلا، ولا يكون تحقيقا كما يلوح من قوله:(وهي غير موجودة في المشبه به إلا على طريق التخييل) إلا أن يقال لإيراده بالتحقيق ما ثبت في الواقع، ولا ينمحي بالتدقيق، وإنما هو ما يكون في المرأى، ولا يحوج إلى تكلف أو خيال للنفس، فإنه كالرؤيا ولا يخفى أنه يرى بين النجوم أمور مظلمة سود تؤول عند التحقيق بالتدقيق إلى ظلمات صرفة، وهو منشأ قوله بين دجاه دون أن يقول بين أمور مظلمة سود.
(وذلك) أي: وجودها في المشبه به على طريق التخييل (أنه) أي: لأنه وهذا أظهر مما في الشرح من جعل ذلك إشارة إلى بيان وجودها في المشبه به بطريق التخييل، أي: بيانه بأنه والضمير للشأن (لما كانت البدعة، وكل ما هو جهل يجعل صاحبها كمن يمشي في الظلمة فلا يهتدي للطريق ولا يأمن من أن ينال مكروها) من الوقوع في مهلكة أو العثور على داهية مهلكة (شبهت)، جواب لما، أي: البدعة ونظائرها من الجهالات (بها) أي: بالظلمة (ولزم بطريق العكس أن تشبه السنة، وكل ما هو علم بالنور) ووجه جعل تشبيه