للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحذف والإيصال فيما يحتاج إلى التضمين؛ لأن الجار قرينة التضمين وحذفه إخلال بالقرينة، فتأمل.

(فلمّا رأوها أقشعت) أي تفرقت (وتجلّت)] (١) أي: انكشفت، ولا بد هنا من تجريد لما عن معنى السببية، وجعله لمجرد الظرفية فانتزاع وجه الشبه من مجرد، وقوله كما أبرقت قوما عطاشا غمامة، وجعل المشبه به منتزعا من مجرد خطأ (لوجوب انتزاعه من الجميع) أي جميع البيت (فإن المراد التشبيه) للحالة المذكورة في الأبيات السابقة.

(باتصال ابتداء مطمع) للغمامة (بانتهاء مؤيس) فالباء دخلت على المشبه به كما هو المتبادر أو المراد أن التشبيه للحالة المذكورة بظهور الغمامة لقوم عطاش، ثم تفرقها وانكشافها في اتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس، على أن الباء بمعنى في، وهو غير عزيز في كلام العرب. وبما ذكرنا ظهر ضعف ما قال الشارح:

إن معنى قوله باتصال بواسطة اتصال يعني باعتبار أن يكون وجه الشبه والمقصود المشترك فيه اتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس؛ لأن البيت مثل في أن يظهر للمضطر إلى الشي الشديد الحاجة إليه أمارة وجوده، ثم يفوته ويبقى تحسره وزيادة ترح، فالباء في قوله باتصاله ليست هي التي تدخل في المشبه به؛ لأن هذا المعنى مشترك بين الطرفين والمشبه به ظهور الغمامة، ثم انكشافها، بل هي مثل الباء في قولهم التشبيه بالوجه العقلي أعم، فليتأمل.

وينبغي أن لا يخفى أيضا أن المراد ليس مجرد الانتزاع الاتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس بلا انتزاع اتصال ابتداء مطمع بانتهاء مؤيس بالتدريج بأن يظهر أمارة اليأس ثم يصير الناس بناء؛ لئلا يفوت فائدة ذكر اقشعت، فالقوم أيضا لم يحفظ عن الخطأ بالكلية فبالله اعتصم إن النفس لأمارة بالسوء إلا من عصم.

(والمتعدد الحسي) عطف على الواحد الحسي.


(١) البيت أورده القزويني في الإيضاح: ٢١٨، والطيبي في شرحه على مشكاة المصابيح: ١٠٧ وقبله:
لقد أطمعتني بالوصال تبسما ... وبعد رجائي أعرضت وتولت
وقوله: أبرقت: بمعنى تحسنت وتعرضت لهم، فما بعده منصوب بنزع الخافض، والغمامة السحابة، وقوله: أقشعت، وتجلت بمعنى تفرقت وانكشفت، وقد نسب بعضهم البيت إلى كثير، ولكنه لا يوجد في تائيته.

<<  <  ج: ص:  >  >>