قال الشارح: وظاهر هذه العبارة أن كلا من الأربعة يقتضي ذلك، ولا يقتضيه إلا تقرير الحال: لأن النفس إلى الأتم الأشهر أميل، فهو بزيادة التقرير والتقوية أجدر، وأما بيان المقدار فيوجب أن لا يكون وجه الشبه فيهما متفاوتا ويوجب أن يكون على نحو واحد فيهما ليتبين المقدار على ما هو عليه؛ ولذلك قالوا كلما كان وجه الشبه أدخل في السلامة عن الزيادة والنقصان كان التشبيه أدخل في القبول، يعني هذا الكلام العام منهم مخصوص ببيان المقدار، وكذا بيان الإمكان يقتضي الأعرفية دون الأتمية، كبيان الحال، فإنه يصح تشبيه الثوب الأسود بما يساويه في بيان سواده، بل المساواة أحق؛ لأنه أسلم من الإيقاع في خلاف الواقع.
هذا كلامه مع تنقيح ومزيد توضيح.
وفيه أبحاث لا يخل عدم الإشارة إليها، بل عدم تصريح.
الأول: أن قولهم يقتضي جواز التفاوت في بيان المقدار كما لا يخفى، لأنه جعل الأدخل في السلامة عن التفاوت أدخل في القبول، ولم يجعل المتفاوت عن القبول بمعزول.
ولك أن ترتكب تأويل قوله: أدخل في القبول بكونه أقرب إلى القبول، ولا يلزم منه إثبات القبول.
والثاني: إذا قلت في مقام التهكم لقصور العامة: هو كظل الرمح يكون التشبيه لبيان مقدار طوله مع التفاوت بينهما، ويمكن دفعه بأن المراد بعدم التفاوت عدم ادعاء أو بحسب الواقع فإنه في بيان المقدار الادعائي لا بد من عدم التفاوت ادعاء. وفيه أن في إلحاق الناقص بالكامل أيضا ادعاء عدم التفاوت، وبينهما فرق دقيق لا يقودك إليه إلا توفيق فاختبر فطانتك، هل لك منها رقيق.
الثالث: أنه لو كان في بيان الإمكان وجه الشبه في المشبه به أتم لكان التشبيه في إدخال المشبه في حيز الإمكان أقوى؛ لأنه إذا كان أقوى مما يستبعد متحققا كان هذا المستبعد أولى بالإمكان.
الرابع: أن في اقتضاء التقرير الأمرين نظرا؛ إذ في تشبيه المعقول بالمحسوس