تقرير حال المعقول؛ لأن إلف النفس بالمحسوس أكثر، وإن لم يكن المحسوس أتم في وجه الشبه، وقد بالغ فيه سابقا كل المبالغة، وإن لم يذكر مما ذكره فيه الابتداء إلا أن يراد بالاقتضاء اقتضاء أولوية، وفي عبارته إرشاد إليه فإن قلت: لم خصص هذه الأربعة بذلك، وعبارة السكاكي كالصريح بأن التزيين والتسوية والاستطراف أيضا يشاركها في ذلك؟ .
قلت: لأنها لا يقتضى الأتمية ولا الأعرفية.
قال الشارح: كلما كان المشبه به أندر وأخفى كان التشبيه بتأدية هذه الأغراض أوفى، ووجه ما قال في الاستطراف ظاهر، وفي التزيين والتسوية أن حسن ما لم يشتهر أكثر تأثيرا فيمن يشاهده وأعجب، وكذا قبح ما لم يشتهر قبحه؛ لأن إلف النفس ليسهل أمر المألوف، ويسكن شغف المشغوف، ولما لم يظهر ما ذكرنا من الوجه أنكر كثيرون ما ذكره فيما سوى الاستطراف كيف لا، وقد شرط السكاكي الأعرفية في التزيين والتسوية؟ ! ولا يخفى أنه لا يصير ما فعله السكاكي حجة عليه؛ لأنه حمله على الأعرفية بالغرض، والسيد السند حمله على الأعرفية في وجه الشبه، وبين وجهه بأن وجه الشبه في تشبه وجه أسود بمقلتي الظبي مثلا ليس له مطلقا السواد، وإلا فلا تزيين، بل هو السواد المخصوص اللطيف الذي يميل إليه الطبع ويقبله، ولا شك أن مقلة الظبي بهذا أعرف، وكذا الحال في التسوية وفيما ذكروه من وجهين:
أحدهما: أن الملازمة المشار إليها بقوله وإلا فلا تزيين مسلمة؛ لأنه بمجرد التشبيه بالمزنين يخيل زينه، ويحصل للطبع ميلان إليه. وثانيهما: أنه إذا اعتبر وجه الشبه السواد اللطيف، فوجه الشبه في المشبه به أتم باعتبار اللطيف.
وهذا كلام وقع في البين فلنرجع إلى ما كنا فيه ونقل هذا مخالفة منه مع السكاكي أو إشارة إلى أن ليس على ما يفيده عبارته معول، بل كلامه مؤول، ولولا مخالفة الإسام بعد تطويل الكلام فيما يجب في شأنه الاهتمام لاقتفينا الشارح بنقل كلامه، وبيان طريق تأويله مع بعده عن المقام وكونه من فضول الكلام.
(أو تزيينه) عطف على بيان إمكانه أو تقريره أي: تزيين المشبه عند السامع (كما في تشبيه وجه أسود بمقلة) أي: شحمة العين التي تجمع السواد والبياض،