للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو هي السواد والبياض أو الحدقة، والمراد هنا المعنى الأول وصحة التشبيه مبنية على ما نقله الشارح عن الأصمعي (١) في بحث الإطناب في شرح قوله:

كأنّ عيون الوحش حول خبائنا (٢)

أن عين الظبي والبقر الوحشيين إنما يظهرها البياض والسواد بعد الموت، وأما حال الحياة فعيونهن سود كلها.

(الظبي) معلوم، وكتشبيه صوت حسن بصوت داود، وكتشبيه جلد ناعم بالحرير، وكتشبيه النكهة بريح المسك، وكتشبيه طعم البطيخ بالعسل، فقولنا:

تزيينه عند السامع أحسن من قول الشارح: في عين السامع، وقس عليه.

قوله: (أو تشويهه) يقال: شوهه الله قبحه (كما في تشبيه وجه مجدور) يقال: جدر وجدر فهو مجدور ومجدر، أي خرج منه الجدري (بسلخة) هي العذرة (جامدة) لا طراوة فيها (قد نقرتها) أي: ضرتها يعني بالمنقار (الديكة) بكسر الدال وفتح الياء جمع ديك على وزن. قيل: وهو معلوم، وقد يطلق على الدجاجة (أو استطرافه) أي: عد المشبه طريفا حديثا (كما) أي: كاستطراف (في تشبيه فحم) هو كتمر وتمر، وكأمير الجمر الطافي (فيه جمر) في القاموس الجمر النار المتقد، فلا حاجة إلى قوله (موقد يتجر من المسك موجه الذهب لإبرازه) متعلق بمفهوم ما فإنه عبارة عن استطراف أو تشبيه، وجعله الشارح متعلقا بمقدر أي: إنما استطرف المشبه في هذا التشبيه لإبراز المشبه في (صورة الممتنع عادة) لا عقلا لإمكان ذوبان المسك مع كثرته جدا حتى يعد بحرا.

(وللاستطراف) المطلق لا الاستطراف في المثال المذكور؛ ولذا لم يأت بالضمير لتبادر الذهن منه إلى الاستطراف في المثال.

(وجه آخر) غير الإبراز في صورة الممتنع عادة (وهو) أن يكون المشبه به نادر الحضور في الذهن إما مطلقا كما مر (في تشبيه الفحم، وإما عند حضور المشبه كما في قوله) أي: قول ابن العتاهية في وصف البنفسج [ولازورديّة] بكسر


(١) الأصمعي: هو أبو سعيد عبد الملك بن قريب على بن أصمع الباهلي، أحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان، ولد عام ١٢٢ هـ وتوفي عام ٢١٦ هـ.
(٢) البيت لامرىء القيس في ديوانه: ٢١٧، وتمامه: وأرحلنا الجزع الذي لم يثقّب، وهو في الإيضاح:
١٩٢، والمصباح: ٢٣١. والجزع: الخرز اليماني الذي فيه سواد وبياض.

<<  <  ج: ص:  >  >>