للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في التشبيه الذي يعود الغرض منه إلى المشبه أو ادعاء كما في التشبيه الذي يعود الغرض منه إلى المشبه به.

(بالزائد) كذلك.

قال الشارح: وهذا الكلام محل نظر؛ لأن ما تقدم كله ليس ما يقصد فيه إلحاق الناقص في وجه الشبه بالزائد على ما قررنا فيما سبق. هذا، ويمكن دفعه بأن المراد أن هذا الذي ذكر من جعل أحد الطرفين مشبها والآخر مشبها به لكون أحد الطرفين أتم حقيقة أو ادعاء إذا أريد ... إلخ (فإن أريد الجمع بين شيئين في أمر) (١) مركبا كان أو مفردا حسيا كان أو عقليا واحدا كان أو متعددا، وذلك تارة يكون في المتساويين في وجه الشبه وتارة يكون في المتفاوتين من غير قصد إفادة التفاوت (فالأحسن ترك التشبيه إلى الحكم بالتشابه) (٢) احترازا من ترجيح أحدها المتساويين هذه العبارة قاصرة، ولا تشتمل مثل قولنا تشابه دمعي إذ جرى ومدامتي، فإنه ليس العدول فيه من التشبيه إلى الحكم بالتشابه فأحسن ترك التشبيه إلى إفادة التشابه. وهذا الخلل إنما وقع من قبل المصنف؛ حيث غير عبارة المفتاح إلى التشابه بقوله: إلى الحكم بالتشابه، وخفى على من تلاه إلى أن وفقت بالإفادة فاغتنم السعادة.

قال المفتاح تفاديا عن ترجيح أحد المتساويين، وكأنه أراد التفادي عن إيهام ترجيح أحد المتساويين، وإلا لوجب ترك التشبيه فيختل قوله فالأحسن ويبطل تجويز التشبيه.

ولك أن تجعل وجه ترجيح التشابه حفظ السامع عن توهم زيادة المشبه به، وتوقي البيان عن الالتباس؛ لأن ظاهر العبارة الإلحاق لا التشارك (كقوله) أي قول أبي إسحاق الصابي ([تشابه دمعي إذ جرى) أي: كل وقت جرى، ففائدة الطرف التعميم يؤيده صيغة تسكب المفيدة للاستمرار (ومدامتي) المدام: المطر


(١) هذا إما لأن المقام يقتضي المبالغة في ادعا التساوي، وإما لأن الغرض إفادة أصل الاشتراك، فيكون المقصود إفادة التساوي ادعاء أو حقيقة.
(٢) مثله الحكم بالتساوي ونحوه، وليس من ذلك نحو: شابه زيد عمرا- إن كان من صيغ المشاركة؛ لأن صيغة- تفاعل- تدل على إسناد الفعل ابتداء لاثنين، أما صيغة- فاعل- فتدل على الإخبار بوقوع الفعل من الفاعل على المفعول، ولا يفهم منها وقوعه من المفعول على الفاعل إلا بالالتزام.

<<  <  ج: ص:  >  >>