الطرفين فهما لم يتضح، لكن المتبادر الأول؛ لأنه الفرد الكامل فليحمل عليه ما لم يصرف صارف، ويقيد مثال التمثيل على بيان السكاكي، وإطلاقه على بيان الجمهور حمل الشارح المحقق على أن جعل ما مر عبارة عن جميع أمثلة ذكرت لوجه الشبه المركب بأقسامها من مركب الطرفين ومفردهما ومختلفهما. وخالفه السيد السند بدعوى أن التمثيل مخصوص بما طرفاه مركبان، وادعى أن تعريفه بما وجهه منتزع من متعدد يتبادر منه المنتزع من متعدد في طرفي التشبيه، لا المركب من متعدد هو أجزاؤه، وإلا لقال مركبا من متعدد، فخرج منه ما ليس طرفاه مركبين، فلم يتناول ما مر إلا ما يركب طرفاه، ونوره بأن المصنف رد على السكاكي جعل التمثيل على سبيل الاستعارة من الاستعارة التحقيقية بأن التمثيل يستلزم التركيب المنافي؛ لاندراجه تحت الاستعارة التحقيقية المندرجة تحت المجاز المفرد، ومباني المخالفة غير سديدة؛ أما حديث التبادر فممنوع، وإنما اختير الانتزاع على التركيب؛ ليعلم أن المدار على التركيب الاعتباري، والهيئة الانتزاعية، لا على التركيب الحقيقي، وليتناول المركب من متعدد هو أجزاؤه ومن متعدد في الطرف وكذا سند رد المصنف على السكاكي ضعيف؛ لأنه رد كون التمثيل على سبيل الاستعارة كذلك. وقد وجد في كلام السكاكي تخصيص الاستعارة التمثيلية بالمركب، ولا يلزم منه تخصيص التمثيل بمعنى التشبيه بالوجه المركب بما طرفاه مركبان.
نعم جعل الشارح في تعريف المجاز المركب باللفظ المستعمل فيما شبه بمعناه الأصلي تشبيه التمثيل قوله تشبيه التمثيل احتراز عن الاستعارة في المفرد، فلو لم يخص التمثيل بما طرفاه مركبان؛ كيف يحترز عنه فبين كلاميه تنافر، لكن لا يوجب ذلك فساد كلامه هناك، بل ينبغي أن يحمل ما سيأتي، على أن الاحتراز بإرادة تشبيه تمثيل خاص؛ إذ لا بد إما من تقييد اللفظ المستعمل بالمركب، أو تقييد تشبيه التمثيل تقييد، والفصل بالتخصيص أولى من الجنس.
ثم نقول: لو كان التمثيل مخصوصا بما طرفاه مركبان لانتقص تعريف المجاز المركب باستعارة لفظ مركب بمعنى مفرد شبه معناه بمعنى المركب بوجه شبه مركب، أو قد سبق أن التشبيه بهذا الوجه يجيء المفرد بمركب.