من وصف بني المهلب للحجاج؛ لما سأل عنهم أيهم الخدي (١) أسجع؟ ولا تنافي بينهما، بل هما يجتمعان على الصدق توارد أو بطريق أخذ المتأخر عن المتقدم، ولا يخفى أن المراد بالخفي الخفي في حد ذاته، فلا يخرجه عن الخفاء عروض ما يوجب ظهوره، كما في هذا الكلام؛ فإن وصف الحلقة أظهر وجه الشبه، فلا اختصاص لهذا التقسيم بالمجمل، بل يجري في المفصل أيضا، وكأنه خصه به للتنبيه على أنه مع خفاء التشبيه بحذف الوجه، والمراد بطرفاها طرفها الأعلى والأسفل الملايمان للأفضل والأدنى، وإذا لم يعلم الأدنى والأعلى لم يعلم الوسط.
(وأيضا) جملة معترضة بين المعطوف والمعطوف عليه تقديره آض تقسيم المجمل أيضا عاد عودا، وفائدته التنبيه على أنه استئناف تقسيم للمجمل، وليس تقسيما للخفي، إذ ذكر الوصف المشعر بوجه الشبه أنسب بالخفي، ومنه يعلم أن المعترضة قد تدخل بين العاطف والمعطوف وأما ما قاله الشارح: إن اختار منه، ومنه دون إما، وإما للإشعار بأنه من تقسيمات المجمل دون مطلق التشبيه فليس مما يعتد به؛ لأنه لا مجال لتوهم أنه تقسيم مطلق التشبيه؛ إذ لا معنى لتوسط تقسيم بين قسمي تقسيم، بل الوجه أن لا حصر فيما ذكره؛ إذ يحتمل قسم آخر هو ما ذكر فيه وصف المشبه فقط فلذا لم يأت بأداة الحصر، ولم يجعل التقسيم رباعيا لعدم الظفر به في كلامهم، ولا يخفى جريان هذا التقسيم في المفصل، وكأنه لم يتعرض له؛ لأنه لم يوجد؛ إذ لا معنى لإيراد ما يشعر بوجه الشبه مع ذكره، أو لأن ذكره في المجمل لدفع توهم أنه ليس التقسيم مجملا مع ما يشعر بالوجه، ولا داعي لذكره في المفصل.
(منه) أي: من المجمل (ما لم يذكر فيه وصف أحد الطرفين) أي:
وصف يذكر له من حيث إنه طرف، وهو وصف يشعر بوجه الشبه فخرج منه زيد الفاضل أسد؛ لأن زيدا لا يثبت له الفضل من حيث إنه مشبه بالأسد، وبما ذكرنا حققنا أن نقول هكذا ينبغي أن يفهم لا بمجرد ما ذكر الشارح أن المراد بالوصف وصف يشعر بالوجه، ثم قال: هكذا ينبغي أن يفهم، وإنما قدم العدمي، وهو ما لم يذكر اسم على ما هو وجودي في الجملة، وقدم ما هو