وجودي في الجملة على الوجودي الصرف مع أن حق التعليم يقتضي العكس، حفظا للأقسام عن وقوع فاصلة بينها، ولو بالمثال.
(ومنه ما ذكر فيه وصف المشبه به وحده) لم يذكر مثاله؛ لأنه ذكر آنفا ما هو مثاله (ومنه ما ذكر فيه وصفهما) أي: وصف المشبه والمشبه به كليهما (كقوله) أي: قول أبي تمام في الحسن بن سهل:
ستصبح العيس لي واللّيل عند فتى ... كثير ذكر الرّضى في ساعة الغضب
العيس بالكسر: الإبل البيض، يخالط بياضها شفرة وهو أعيس وهي عيسا أي: سيدخلني الإبل والسير في الليل صباحا عند فتى.
[(صدفت عنه) أي: أعرضت عنه.
(ولم تصدف) من حد ضرب (مواهبه عنّى وعاوده ظنّي) فلم يخب كالغيث (وهو المطر أو الذي عرضه يريد) إن جئته وافاك ريقه، أي: أوله وأفضله، والموافاة الإتيان (وإن ترحّلت عنه لجّ) اللجاج: الخصومة (في الطّلب) ووصف الفتى بكثرة المواهب أعرضت عنه أو لم تعرض، والغيث بأنه يصيبك حسه أو ترحلت عنه وهذان الوصفان مشعران بوجه الشبه، أي: الإفاضة في حالتي الطلب وعدمه، وحالتي الإقبال والإعراض.
(وإما مفصل) عديل إما مجمل (وهو ما ذكر وجهه) لما كان في هذا التعريف تسامح بجعل ما ذكر مما يستتبع وجهه مكان الوجه داخلا فيما ذكر وجهه، وكان ذلك التسامح مبنيا على تسامح آخر نبه على هذا التسامح وعلى منشأة إخراجا للتعريف عن الإبهام الذي هو غاية تبعيده عن الإتقان والإحكام، فقال:(وقد يتسامح بذكر ما يستتبعه) أي: وجه الشبه (مكانه) والشارح جعل هذا إشارة إلى التقسيم بعد التعريف، يعني المفصل: قسمان ما ذكر فيه وجه الشبه حقيقة، وما ذكر فيه وجه الشبه تسامحا (كقولهم للكلام الفصيح) أي: الفصيح وكلام المفتاح فيه كالصريح أو البليغ، والثاني هو الأشبه؛ لأنه أحق بالتشبيه بالعسل.
(هو كالعسل في الحلاوة) وشاع هذا التسامح إلى أن صارت الحقيقة مهجورة، حتى لو قيل: الكلام الفصيح كالعسل لا يفهم القصد إلى أنه مثل العسل، وفي ميل الطبع إليه ولا يجعل المقدر ذلك، بل لو سئل عن وجه الشبه