للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يجاب إلا بالحلاوة.

(فإن الجامع فيها لازمها، وهو ميل الطبع) أي: محبة وروده، كذا فسره السيد السند في شرح المفتاح، وإنما جعل الجامع ميل الطبع؛ لأنه المشترك بين العسل والكلام، لا الحلاوة التي هي من خواص المطعومات، ولا يبعد أن يجعل وجه الشبه نفس الحلاوة، ويجعل ثبوته في المشبه على سبيل التخييل كما في تشبيه السنة بالنجم، والبدعة بالظلمة.

قال السكاكي: وهذا التسامح لا يكون إلا حيث يكون التشبيه في وصف اعتباري، كميل الطبع وإزالة الحجاب، ويشبه أن يكون تركهم التحقيق في وجه الشبه. حيث قسموه إلى حسي وعقلي، مع أنه في التحقيق لا يكون إلا عقليا كما مر من تسامحهم.

هذا، ويحتمل أن يكون قصده أن تسامحهم ناشئ من تسامح البلغاء من وضع المستتبع مكان وجه الشبه، فيقولون: الكلام البليغ كالعسل في الحلاوة، وزيد كالغراب في سواده، أي: سواد الغراب أو سواد زيد.

وقد يقال زيد كالغراب في سوادهما، فلما وضع البلغاء الحسي الملزوم بوجه الشبه الكلي مكانه نزل علم البيان الكلي الذي هو وجه الشبه منزلة جزئياته، فقسموه إلى حسي وعقلي.

ويحتمل أن يكون قصده إلى أن تسامحهم الأول من قبيل هذا التسامح من تنزيل غير وجه الشبه منزلته، فإنهم نزلوا الجزئي منزلة وجه الشبه الكلي، فقسموه إلى الحسي والعقلي.

والشارح العلامة جرى على الأول، لكن لم يسلك في الحقيقة مسلك السداد، والشارح اعتمد على الثاني، لكن لم يأت في بيانه بما عليه الاعتماد، ومن الله الاهتداء والرشاد.

ولا يخفى عليك أنه نشأ من هذا التسامح أيضا التسامح في عد هذا التشبيه مفصلا، والتسامح في التعريف على ما عرفت.

بقى هاهنا بحث، وهو أن ذكر الحلاوة في مقام ميل الطبع من قبيل ذكر الملزوم، وإرادة اللازم وسلوك طريق المجاز ليس تسامحا (وأيضا) تقسيم ثالث

<<  <  ج: ص:  >  >>