للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالكلية لترقى من التشبيه إلى الاستعارة.

(ثم) أي الأعلى بعد هذه المرتبة على أن ثم للتراخي في الرتبة، هذا هو المتبادر، وإليه جرى بيان الشارح، وقد عرفت ما فيه، ولك أن تفسره بأن بعد هذه المرتبة الأعلى (حذف أحدهما كذلك) أي: فقط أو مع حذف المشبه بقرينة قوله (ولا قوة لغيره) فلا يتجه ما عرفت من لزوم كونهما أعلى بعد المرتبة الأولى مع أنه ينافي قوله ولا قوة لغيره، ونفي القوة عن غير المذكورين من الأمرين يفيد ثبوت المبالغة فيه، ولا مبالغة مع ذكر الوجه والأداة ذكر المسند أولا فنفى قوة المبالغة بنفيها، فحاصل الكلام أن مراتب التشبيه باعتبار ذكر الأركان أو بعضها ثمانية اثنتان فيهما مزيد مبالغة في التشبيه هما ما حذف وجهه وأداته مع حذف المسند وبدونه، وأربع فيها مبالغة في التشبيه هي ما حذف وجهه وأداته مع حذف المسند وبدونه اثنتان لا مبالغة فيهما، هما ما ذكر وجهه وأداته مع حذف المسند أو ذكره.

وفرق الشارح بين حذف الوجه والأداة في شرح المفتاح بأن المبالغة في الأول أقوى، وجعله من مقتضيات كلام المفتاح، وفي الشرح بأن الثاني أقوى، واختاره السيد السند، وأنكر كون الأول من مقتضيات كلام المفتاح؛ ووجهه أن في حذف الأداة جعل المشبه عين المشبه به، بخلاف حذف الوجه فقط؛ إذ ليس فيه إلا عموم وجه الشبه، وفيه نظر؛ لأن الشركة في جميع الأمور أيضا ينفي المغايرة ويوجب الاتحاد لا يقال ذكر الأداة يوجب المغايرة؛ لأنا نقول صحة الحمل أيضا يوجب المغايرة، ويمكن أن يقال تكفي المغايرة بحسب التعقل في صحة الحمل دون التشبيه بعموم الوجه المستفاد من ذكر الوجه يتخصص بما يجامع الإثنينية.

ووجه الشارح كون الصورتين الأوليين أقوى من الأربع المتوسطة بأن المبالغة إما بعموم وجه الشبه، أو بجعل المشبه به عين المشبه فما اشتمل عليهما فهو أقوى مما اشتمل على أحدهما وتوجيهه عندي بأن الأقوى في المبالغة دعوى الاتحاد، فإذا لم يقارنها ما يحل بها بقي على مقتضاها، وإلا فيتنزل عنه إلى مرتبة دونه ففي حذف الوجه والأداة تحقق دعوى الاتحاد بلا شائبة فتور، وفي حذف الأداة فقط يختل دعوى الاتحاد بذكر الوجه المنبئ عن المغايرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>