للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عدم ظهور الفعل (١)، والجميع عقلي) يحتمل التنبيه على المدار كما يحتمل التنبيه على المراد بالمرقد، والأول أنفع فهو الأحمد، والظاهر أن الجامع سهولة تأتّي البعث كما قيل؛ لأن التعجب من البعث والاعتراف به مما يدعو إليه، أو سرعة البعث حتى إن أزمنة الموت لم يكن إلا زمان يوم كما تقول، ثم نقول والله تعالى أعلم: يحتمل أن يكون المستعار له الحياة الدنيا والمستعار منه النوم، والجامع كون ما يرى فيهما مما لا حقيقة ولا ثبات له، كما قال علي رضي الله تعالى عنه:

«الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا».

واعترض على جعل الجامع عدم ظهور الفعل بأنه بالموت أخص، فلا تصلح علاقة الاستعارة الرقاد للموت، ويمكن دفعه بأن المراد عدم ظهور الفعل مع إمكانه كما يشعر نفي الظهور وهو أخص بالنوم؛ لأنه في الموت لتنزيله منزلة النوم خيالي لا حقيقي.

وسمعت بعض من استفدت منه هذا الكتاب- خصه الله تعالى بجزيل الثواب- أن هذا لو كان كلام المؤمنين كما يشعر به قوله تعالى: هذا ما وَعَدَ الرَّحْمنُ وَصَدَقَ الْمُرْسَلُونَ (٢) لكان وجه الشبه الراحة.

وقد ورد في الخبر «أنه يقال للمؤمن في القبر: نم كنومة العروس» (٣) هذا على مذهب أهل السنة والجماعة.

وأما عند المعتزلة المنكرين لعذاب القبر فراحة القبر مشتركة بين المؤمن والكافر.

وقيل: الجامع: البعث الذي هو في النوم أقوى وأشهر؛ لكونه مما لا شبهة فيه، ويمنع كونه أقوى، بل يكاد يكون الأمر بالعكس؛ لأن المانع في الموت أقوى فبعث الفاعل فيه أقوى، ويناقش أيضا بأن ذكر وجه الشبه يستدعي كون الكلام تشبيها كما في قوله [ولاحت من بروج البدر بعدا] فتأمل.

ثم القرينة في هذه الاستعارة كونه كلام الموتى، وقيل: ذكر البعث، ورد بأنه


(١) أو البعث، وقد رجّح بأنه في النوم أظهر وأقوى لكونه مما لا شبهة فيه لأحد، وعدم ظهور الأفعال بالعكس، والجامع لا بد أن يكون أقوى في المستعار منه.
(٢) يس: ٥٢.
(٣) أخرجه أحمد وغيره بسند صحيح، وهو حديث البراء بن عازب الطويل في عذاب القبر ونعيمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>