للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بالسلخ، وعدم توقعهم زوال النهار في هذا المقدار من الزمان.

ويمكن تقوية كلام الغير أيضا بأن الليل والنهار طارئ، كما هو التحقيق.

وحمل القرآن على ما هو الواقع هو المناسب، لا على ما هو متعارف العامة، لأنه الهدى فلا يليق به أن يفيد ما هو خلاف التحقيق.

نعم، لو حمل كلامهما على أن معنى الآية تخرج النهار من الليل تعقيب إخراجه بالتمام من الليل يظلمون بلا مهلة، لكان فيه نجاة عن تكلفه في نفي التراخي.

(وإما مختلف) بعضه حسي وبعضه عقلي (كقولك: رأيت شمسا، وأنت تريد إنسانا كالشمس في حسن الطلعة، وهو حسي ونباهة الشأن) وهي عقلية، والأولى بعلاقة أنه كالشمس، لأنك لو تريد بقولك: شمسا بمفهوم إنسان كالشمس في حسن الطلعة، ونباهة الشأن لم يكن استعارة، بل تشبيها، ولو تريد إنسانا هو في الواقع كالشمس فيهما، لكن لا بعلاقة هذه المشابهة لم يكن مثالا لما نحن فيه.

وقد نبه بجعل مثال هذا القسم مصنوعا على أنه لم يوجد في القرآن، ولا في كلام من يوثق به؛ فلذا تركه المفتاح.

(وإلا) عطف على قوله (إن كانا حسيين) أي: إن لم يكن الطرفان حسيين (فهما إما عقليان، نحو: مَنْ بَعَثَنا مِنْ مَرْقَدِنا (١)) المعنى إما:

من أيقظنا من رقادنا، فالاستعارة في المرقد بمعنى الرقاد، والمستعار له والمستعار منه عقليان بلا خفاء، وإما من أيقظنا من مكان رقادنا، فالمستعار له القبر، والمستعار منه المقام، ولا خفاء في أنهما حسيان، فجعله من قسم ما طرفاه عقليان دليل على أن مدار التقسيم في الاستعارة التبعية على الاستعارة الأصلية، فالاستعارة التبعية مبنية عليها.

وقوله: (فإن المستعار منه الرقاد (٢)، والمستعار له الموت، والجامع


(١) يس: ٥٢.
(٢) ظاهر هذا أن مرقدنا في الآية مصدر ميمي، ويجوز أن يكون اسم مكان فيكون المستعار منه الرقاد أيضا، ثم يشتق منه اسم المكان بعد استعارته للموت.

<<  <  ج: ص:  >  >>