للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وثالثها: أن معاني المصادر أيضا معروضة للزمان، وأيضا لم يظهر وجه عدم تحقق معاني الحروف التي لم يدخل فيها زمان ولم يعرض لها أيضا.

ثم قال الشارح: فالأولى أن يقال: إن المقصود الأهم في الصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة، هو المعنى القائم بالذات، لا نفس الذات، وهو ظاهر، فإذا كان المستعار صفة أو اسم مكان مثلا ينبغي أن يعتبر التشبيه فيما هو المقصود الأهم، وكأنه أراد أولى ما يمكن أن يقال مبالغة في قوة هذا الوجه ولم يرد الإشارة إلى إمكان تصحيح ما ذكره القوم، لأنه ظاهر الفساد.

ونحن نقول: الأولى أن يقال ما سوى المعنى المصدري مشترك بين المعنى الحقيقي والمجازي في المشتقات، فلا استعارة عند التحقيق، إلا من معنى مصدري إلى معنى مصدري، فالأحق بالاعتبار أن يعتبر هذه الاستعارة في المصدر إخراجا لما لا دخل له في الاستعارة عن الاستعارة. أو يقال: اعتبر الاستعارة في المصادر ليكون تحصيل مجازات المشتقات بالاشتقاق كتحصيل حقائقها، ويكون التناسب بين المجازات والحقائق مرعيّا.

وأنكر السيد السند مما نقل عن القوم تفسير الحقائق بالأمور المتقررة الثابتة المقابلة للمتجددة، وجعله من مظنونات الشارح، ومن تبعهم من شارحي المفتاح.

وقال: المراد بالحقائق كالذوات في بعض استعمالاتهم المفهومات المستقلة الغير الملحوظة للغير، تبعا كمعاني الحروف، والنّسب المعتبرة في مفهومات الأفعال، فإن معاني الحروف آلة لتعرف حال متعلقاتها غير ملحوظة قصدا، ونسب الأفعال آلة لملاحظة طرفيها من الحدث المعتبر في مفهوماتها، والفاعل الخارج عنه غير مستقل بالملاحظة، فلا يصح شيء من المعاني الحرفية؛ لأن يعتبر مشبها به محكوما عليه بالمشاركة للمشبه، وكذا المعاني الفعلية؛ لأن مجموع معنى الفعل من الحدث والنسبة والزمان غير مستقل بالملاحظة؛ لدخول النسبة فيها، والحدث، وإن استقل، لكن اعتبر أبدا كونه مسندا فلا يصلح؛ لأن يجعل مسندا إليه؛ لأن الشيء لا يكون مسندا ومسندا إليه معا في النسبة التامة، وأن يكون مسندا إليه لنسبة تامة مع كونه مسندا لنسبة غير تامة نحو: أعجبني ضرب زيد عمرا.

<<  <  ج: ص:  >  >>