وأما الصفات وأسماء الزمان والمكان والآلة فلا يتم فيها ما ذكره القوم، والوجه ما ذكره الشارح.
هذا تنقيح كلامه بعد حذف ما طوّله من تحقيق معاني الحروف والأفعال اعتمادا على اشتهاره في تصانيفه، وبلوغ تحقيقه الغاية في شرح «الرسالة العضدية» لنا.
ولك أن تقول: لما لم تصلح الاستعارة عن المعنى المطابق للفعل أعرضوا عن استعارته؛ إذ استعارته من المعنى التضمني كاستعارة الشي ممن لا يملكه، واعتبروا الاستعارة في المصدر ولم يرضوا بالفصل بين سائر المشتقات والفعل في الاستعارة بعد كون الجميع من فروع المصدر.
وبالجملة يتجه أنّ جعل معاني الحروف والأفعال محكوما عليها بالمشاركة ملحوظة لا بألفاظها الفعلية والحرفية والاستعارة بهذا الاعتبار أهون من الحكم بالاستعارة في المصادر ومتعلقات الحروف؛ إذ لا يساعدها الواقع، وإذا لم يجر التشبيه والاستعارة بالأصالة في الفعل، وما يشتق منه، وفي الحرف (فالتشبيه في الأولين لمعنى المصدر)(١) فيه أن التشبيه في الأولين بمعنى المصدر، لآلة لأن الفعل مستعار فيجب أن يعتبر في استعارته التشبيه بمعنى المصدر، وكذا الحال في قوله (وفي الثالث لمتعلق معناه) ودفعه ظاهر مما حققناه لك من المستعار له في الاستعارة التبعية كالمستعار منه. ولا يمكن دفعه بأن التشبيه بمعنى المصدر صريحا يستلزم التشبيه له ضمنا، فإن المشبه به صريحا مشبه ضمنا؛ لأن التشبيه لا يمكن إلا من جانب واحد، وإن كان ما يلزمه من المشاركة من الجانبين.
فإن قلت: هل تجري الاستعارة في الأفعال باعتبار التشبيه في متعلق النسب المعتبرة فيها والاستعارة فيها فتسري في الأفعال؟
قلت: لا، لكن لما قاله السيد السند: من أن مطلق النسبة التي هي متعلق نسب الأفعال لم يشتهر بمعنى يصلح أن يجعل وجه شبه، بخلاف متعلقات الحروف من الابتداء والانتهاء والظرفية إلى غير ذلك، فإنها أنواع مخصوصة لها أحوال مشهورة؛ لأن متعلق النسب الجزئية المعتبرة في الأفعال، وهو النسبة إلى
(١) أي المحققة أو المقدرة كما في الأفعال التي لا مصادر لها.