للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الفاعل لها أحوال مخصوصة، يمكن أن يشبه لها نسبة الفعل إلى الآلة وتنزل منزلتها فيستعار لها لفظها، بل لأن النسبة جزء معنى الفعل فلا يستعار عنها، بخلاف المصدر فإنه لا يستعار من معناه الفعل، بل يستعار من معناه نفس المصدر ويشتق منه الفعل، ولا يمكن مثله في النسبة، ومما يعد في الأفعال الاستعارة للتعبير عن الماضي بالمضارع، وبالعكس بأن يشبه غير الحاصل بالحاصل في تحقق الوقوع، وتشبه الماضي بالحاضر في كونه نصب العين واجب المشاهدة، ثم يستعار لفظ أحدهما للآخر.

قال السيد السند: فعلى هذا الاستعارة في الفعل على قسمين: -

أحدهما: أن يشبه الضرب الشديد مثلا بالقتل، ويستعار له اسمه، ثم يشتق منه قتل بمعنى ضرب ضربا شديدا.

والثاني: أن يشبه الضرب في المستقبل بالضرب في الماضي في تحقق الوقوع، فتستعمل فيه «ضرب»، فيكون المعنى المصدري موجودا في كل واحد من المشبه والمشبه به، لكنه قيد في كل منهما بقيد مغاير لقيد الآخر، فصح في المستقبل، فكيف تتحقق استعارته من أحدهما للآخر حتى يلزم الاستعارة التشبيه لذلك.

وفيه: أن الضرب حقيقة من كل من الضرب في الماضي، والضرب تبعية في الفعل.

(وفي الثالث لمتعلق معناه) عطف على قوله: (في الأولين) بمعنى المصدر عطف معمولين لعامل على معمولين له بحرف عطف واحد، ولا مشاحّة فيه، إنما المشاحّة في العطف على معمولي عاملين، والمراد بالثالث: الحرف؛ لأنه ثالث ما لا يجري فيه الاستعارة إلا تبعية من الفعل وما يشتق منه، والحرف.

ومن العجب القول بأنه ثالث أقسام الكلمة، وقد حققت مرادهم بمتعلق معناه، لكن المصنف حمله على المتعلق النحوي، أعني: الذي لا يدل الحرف على المعنى إلا به؛ فلذا قال:

(كالمجرور (١) في: زيد في نعمة) وجعل المجرور مثالا لما يقدر التشبيه فيه


(١) هذه طريقة الخطيب في إجراء الاستعارة التبعية في الحروف، فهى تابعة عنده للتشبيه في متعلقاتها من مجروراتها ونحوها وتعلقها بها بمعنى ارتباطها بها، وليس هو التعلق النحوي المعروف. بغية الإيضاح ٣/ ١٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>