للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مسامحة؛ لأن تقدير التشبيه في معناه كما يفيده قوله: وفي الأولين بمعنى المصدر.

وما ذهب إليه المصنف غير صحيح؛ لأن النعمة في: زيد في نعمة لم تستعر شيئا عند المصنف؛ لأنه لا استعارة للمشبه عنده، بل هي مستعملة فيما وضعت له، وقصد تشبيهها بظرف وأضمر في النفس، وجعل استعمال «في» قرينة على هذا التشبيه (فيقدر) أي: التشبيه (في نطقت الحال، والحال ناطقة بكذا للدلالة) متعلقة بالمستتر في يقدر.

ويجوز تعلق الجار بالضمير العائد إلى المصدر (بالنطق) (١) أي: يقدر التشبيه لدلالة الحال بالنطق في إيضاح المعنى، ثم يدخل الدلالة في جنس النطق بالتأويل المذكور، فيستعار له لفظ النطق، ثم يشتق منه ما يشتق، فتكون الاستعارة في النطق أصلية، وفيما يشتق منه تبعية.

ويرد عليه، أن هناك ما يغني عن تكلف الاستعارة التبعية، وهو كون النطق مجازا مرسلا في الدلالة التي هي لازمة؛ لأن ما لا دلالة له مجرد صوت لا يستحق أن يسمى نطقا، ولا يندفع بما ذكره الشارح من أنه لا ينكر جواز ذلك، لكن ذلك الجواز لا ينفي احتمال الاستعارة، فإنه إذا اجتمع في مقام التجوز علاقة متعددة، فلك العمل بأيّه شئت؛ لأن كلامنا في أن الاستعارة التبعية تكلف لا يرضى به أحد من غير اضطرار، ولولا أنه نقل أنه استحسن هذا الجواب منه من قال: إن الدلالة لازمة للنطق، فلم لا يجوز أن يكون إطلاق النطق عليها مجازا مرسلا، باعتبار ذلك الملزوم وإرادة اللازم من غير قصد إلى تشبيه؛ ليكون استعارة لحملت كلامه عليه.

وفي استعارة النطق للدلالة استبشاع آخر، وهو أن إيضاح المعنى ليس صفة للنطق، بل صفة لدلالته، فالمشبه به دلالة الحال دلالة النطق، والنطق يستحق أن يشبه به الحال، والناطق يستحق أن يشبه به ذو الحال.


(١) ثم يستعار النطق للدلالة ثم يشتق من النطق- نطقت أو ناطقة- بمعنى- دلت أو دالة- والجامع إيصال المعنى إلى الذهن، وهكذا كل الاستعارات في الأفعال والمشتقات فتكون الاستعارة فيها تابعة للاستعارة في مصادرها، ولا خلاف هنا بينهم في ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>