للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(وفي لام التعليل) عطف على قوله: في نطقت الحال (نحو: فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً (١) للعداوة) عطف على قوله للدلالة (بعلّته) أي: الالتقاط عطف على قوله: بالنطق، ولا يخفى التشبيه في لام التعليل مطلقا لا يقدر للعداوة بعلّته، فالأولى أن يقول: وفي لام التعليل في نحو: فالتقطه ... إلخ فاعرفه إن كنت من أهله.

وهذا الذي ذكره المصنف مأخوذ من كلام الكشاف؛ حيث قال: معنى التعليل في اللام وارد على طريق المجاز؛ لأنه لم يكن داعيهم إلى الالتقاط أن يكون لهم عدوا وحزنا، ولكن المحبة والتبني، غير أن ذلك لما كان نتيجة التقاطهم وثمرته شبّه بالداعي الذي يفعل الفاعل لأجله؛ لكنه حينئذ يخرج عما هو فيه من كون الكلام استعارة تبعية إلى كونه استعارة بالكناية، وتحقيق الاستعارة التبعية فيه على ما قالوا: أنه شبه ترتب العداوة والحزن على الالتقاط بترتب عليته الغائبة عليه، ثم استعمل في المشبه اللام الموضوعة للدلالة على ترتب العلة الغائبة الذي هو المشبه به فجرت الاستعارة أولا في العلية والغرضية وتبعيتها في اللام.

هذا، وفيه بحث؛ لأن الترتب هي المعلولية لا العلية، فلا مشابهة بينه وبين العلية، حتى تستعار له اللام، وإنما تصح هذه الاستعارة لو كان وضع اللام للمعلولية والترتب، ومدخول لام الغرض، وإن كان معلولا من وجه، وعلة من وجه، لكن لم يقل أحد: إن وضع اللام للمعلولية، بل اتفقوا على أن اللام للعلية، ولأن متعلق اللام على ما يقتضيه التحقيق السابق العلية مطلقا لا علية العلة الغائبة للالتقاط.

(ومدار قرينتها) أي: الشائع الكثير، فنبه بلفظ المدار على أن القرينة قد تكون غير هذه الأمور، كقرينة الحال.

ولك أن تجعل القرينة النسبة إلى الفاعل، فيكون الفاعل مدار القرينة لا نفسها (في الأولين) أي: الفعل وما يشتق منه، بخلاف الحرف، فإن قرينته غير مضبوطة على ما قالوا، ولأنه لا تفاوت فيه بين قرينة وقرينة، حتى يجعل البعض


(١) القصص: ٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>