للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الاستعارة بالكناية إن أريد فيها على المكنية ما يلائمها تصير مرشحة عنده.

(نحو أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ (١)) فإنه استعار الاشتراء للاستبدال، ثم فرّع عليها ما يلائم الاشتراء من فوت الربح، واعتبار التجارة.

وقد نبه على أن التقسيم اعتباري بقوله: (وقد يجتمعان) أي: التجريد والترشيح، أو على دفع ما يتوهم من التنافي بين التجريد والترشيح، فإن أحدهما يدعو إلى الاتحاد، والآخر إلى التعدد، ووجه اجتماعهما صرف دعوى الاتحاد إلى المشبه المقارن بالصفة والتفريع والمشبه به حتى يستدعي الدعوى ثبوت الملائم للمشبه به أيضا.

(كقوله) أي: قول زهير:

[لدى أسد شاكّ السّلاح) أي: حاد السلاح، وأصله شائك من الشوكة التي هي الحدة والبأس، وقد تحذف الياء بعد القلب، ويجرى الإعراب على الكاف، فلا تكتب الياء؛ والسلاح بالكسر: آلة الحرب أو حديدتها، وبالضم النجو.

ومن التراكيب المشهورة سلاحه سلاحه في طير يقال له بالعجمية تقدري، وهو كثير النجو يحارب مع البازي بالنجو، فإنه يطير فوقه ويدفع نجوه عليه بحيث يسيل من رأسه إلى قدمه فيسقط ويعجز عن الطيران.

قال الشارح: هذا تجريد؛ لأنه وصف يلائم الرجل الشجاع.

قلت: وكذا المقذف لو فسر بمن أوقع في الوقائع كثيرا، وأما لو فسر بمن كثر لحمه حتى كأنه قذف ورمى باللحم، فهل هو ترشيح وأنسب بالأسد لا يبعد أن يكون كذلك، وكأنه لذا جعله الشارح داخلا في ترشيح البيت، فقال بعد قوله:

(مقذّف له لبد أظفاره لم تقلّم)] (٢) هذا ترشيح، واللبد: كعنب جمع لبدة كحكمة، وهي الشّعر المتراكب بين كتفيه، وفي جمع اللبدة إشعار بأنه من كمال


(١) البقرة: ١٦.
(٢) البيت في ديوانه: (٢٣) من معلقته المشهورة التي يمدح فيها الحارث بن عوف، وهرم بن سنان. انظر البيت في: الإيضاح: (٢٥٤، ٢٧٠).

<<  <  ج: ص:  >  >>