وذكر الشارح في دفعه: أنه ذكر «الجهول» إشارة إلى أنه غني بالله، وظن الحاجة به جهل عظيم.
قال المصنف: فلولا أن قصده أن يتناسى التشبيه ويصر على إنكاره، فيجعله صاعدا إلى السماء من حيث المسافة المكانية لما كان لهذا الكلام وجه، وفيه نظر؛ إذ لو توقف الترشيح على تناسي التشبيه لما صح مع التصريح بالتشبيه، فإذا صح البناء على المشبه به مع التصريح بالتشبيه، فلا يتم أنه لولا تناسي التشبيه؛ لما كان لهذا الكلام وجه.
(ونحوه) أي: نحو البناء على علو القدر ما يبنى على علو المكان (ما مر من التعجب) في قوله:
قامت تظلّلني ومن عجب ... شمس تظللني من الشّمس
[(والنهي عنه) أي: عن التعجب في قوله:
[لا تعجبوا من بلى غلالته](١)
قال في الإيضاح: غير أن مذهب التعجب عكس مذهب النهي عنه، فإن مذهبه إثبات وصف يمتنع ثبوته للمستعار منه، ومذهب النهي عنه إثبات خاصة من خواص المستعار منه، ثم أشار إلى زيادة تحقيق، وتقرير لهذا الكلام بقوله:
(وإذا جاز البناء على الفرع مع الاعتراف بالأصل) قال في الإيضاح: وإذا جاز البناء على المشبه به مع الاعتراف بالمشبه، فهذا حمل الشارح على أن حمل الفرع على المشبه به، والأصل على المشبه، فقال في توجيهه: إن الأصل في التشبيه، وإن كان هو المشبه به من جهة أنه أقوى وأعرف في وجه الشبه، لكن المشبه أيضا أصل من جهة أن الغرض يعود إليه، وأنه المقصود في الكلام، ووافقه السيد السند في شرح عبارة المفتاح.
ونحن نقول: وإن نساعد في إطلاق الأصل على المشبه، والفرع على المشبه به، لكن لا يخفى أن البناء على الفرع هنا، وفي عبارة «المفتاح» في محاذاة قوله
(١) البيت لابن طباطبا العلوي، وهو أبو الحسن محمد بن أحمد المتوفي سنة ٣٢٢ هـ. انظر البيت في: الطراز (٢/ ٢٣)، نهاية الإيجاز: ٢٥٣، والمصباح: (١٢٩)، والإيضاح: (٢٥٩).