للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى إنه يبنى على علو القدر، وعلو القدر هو المشبه، ومع ذلك لا يرضى العارف بمساق الكلام أن يجعل الفرع عبارة عن المشبه به، فلا تحمل عبارته على ما حمله الشارح؛ لأن المانع أقرب من الداعي، بل نقول: مراده بالفرع المشبه، ويريد: أنه إذا جاز بناء حال الأصل، وهو المشبه به وإجراؤه على الفرع، وهو المشبه مع الاعتراف بالأصل، وعدم الإصرار على إنكار أن هناك متعددا فضلا عن جعل بعضه أصلا، وبعضه فرعا على أن توجيه ما في الإيضاح، والجمع بينه وبين ما في الكتاب يمكن بأنه قصد في الإيضاح إلى بيان يئول إلى ما يئول إليه ما ذكره هنا، ولم يقصد الاتحاد بينهما في المفهوم، حتى يكون كلام الإيضاح شارحا لخصوصيات هذا النظم.

(كما في قوله) أي: العباس بن الأحنف:

[(هي الشّمس مسكنها في السّماء فعزّ) أي: حمل على الصبر الفؤاد (الفؤاد عراء جميلا فلن تستطيع) أنت (إليها) أي: إلى الشمس (الصّعود ولن تستطيع) أي: الشمس (إليك النّزولا] (١) فمع جحده أولى) هذا جواب قوله: وإذا جاز أي فالبناء على الفرع مع جحد الأصل كما في الاستعارة أولى، ولا يخفى أن قولنا:

هي الشمس دعوى الاتحاد، ومع دعوى الاتحاد والاعتراف بالأصل.

نعم في الاستعارة استغناء عن دعوى الاتحاد لجعله أمرا مقررا، فينبغي أن يقال: وإذا جاز البناء على الفرع مع جحد الأصل فمع تقرره أولى، ولا خفاء في أنه كما أن إثبات حال الأصل للفرع يحتاج إلى توجيه، يحتاج إثبات حال الفرع له، مع جحد الأصل وتناسي التشبيه، وجعل الفرع عين الأصل إلى توجيه؛ لأنه مع تناسي الإثنينية، وجعل اتحاد المشبه مع المشبه به نصب العين كيف يسوغ إثبات حال المشبه، وإضافة ما هو من خواصه إليه؟ فتوجيه الترشيح صار موجب خفاء أمر التجريد، وقد قدمنا لك في توجيه اجتماعهما ما ينفعك هنا، وربما يوجّه بأن التجريد متابعة الواقع، والترشيح متابعة الادعاء، فلكل وجهة هو موليها. وما قدمنا أعذب، وبمشرب البلاغة أنسب.

(وأما) المجاز (المركب) عديل لبيان المجاز المفرد بجعل البيان السابق في قوة


(١) البيتان في ديوانه: (٢٢١)، والإيضاح: (٢٧١)، والمصباح: (١٣٩) وأسرار البلاغة: (١٦٨).

<<  <  ج: ص:  >  >>