للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد اشتمل التعريف على العلة الفاعلية، وهي المتكلم المستعمل والصورية وهي الاستعمال؛ لأن الاستعارة معه بالفعل والمادية، وهو التشبيه؛ لأنها معه بالقوة فأراد إتمام الاشتمال على العلل، فصرح بالغاية بقوله: (للمبالغة في التشبيه) (١) ونبه به على أن الادعاء في هذه الاستعارة أيضا مرعي.

بقى أن كون الصورة المنتزعة معنى مطابقيا للمستعار منه غير ظاهر (كما يقال للمتردد في أمر: ) إن كان اختصارا لما في المفتاح كان المعنى كما يقال للمفتي المتردد في جواب المسألة، لكنه إخلال، وإن كان عدولا إلى أمثال جامع لما فيه، ولغيره، فالأمر واضح، وكأنه على الأول حمله الشارح المحقق حيث قال عطفا عليه:

ولما كتب الوليد بن يزيد لما بويع إلى مروان بن محمد، وقد بلغه أنه متوقف في البيعة له: أما بعد، فإني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى فإذا بلغك كتابي هذا فاعتمد على أيتهما شئت فتأمل.

وقوله: (إني أراك تقدم رجلا وتؤخر أخرى) بيان لكلمة ما، وليس مقول القول، فافهم.

والمشهور: أراك على صيغة المعروف، وللمجهول أيضا مساغ، وحينئذ بمعنى الظن، ولكل منهما مقام، والظاهر من العبارة أن أخرى صفة رجلا، وهو المشهود له في عبارة المفتاح؛ حيث قال: فنأخذ صورة تردد يعني المفتي فتشبيهها بصورة تردد إنسان قام ليذهب في أمر، فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا، وتارة لا يريد فيؤخر أخرى، ثم يدخل صورة المشبه في جنس صورة المشبه به روما للمبالغة في التشبيه، فتكسوها وصف المشبه به من غير تغيير فيه بوجه من الوجوه على سبيل الاستعارة قائلا:

أراك أيها الفتي تتردد، تقدم رجلا وتؤخر أخرى، ويشهد له عبارة الإيضاح أيضا حيث قال في بيان ما كتب الوليد بن يزيد: شبه صورة تردده في المبايعة بصورة تردد من قام ليذهب في أمر، فتارة يريد الذهاب فيقدم رجلا، وتارة لا


(١) يشير بهذا إلى اتحاد الغاية في المجاز المفرد والمركب وهى المبالغة في التشبيه، ولا يقصد به الاحتراز عن شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>