للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يريد فيؤخر أخرى، فأورد عليه أن المتردد لا يقدم رجلا قدامه، ولا يؤخر رجلا أخرى خلفه، فدفعه الشارح المحقق في شرحه للمفتاح بأن المراد بالرجل الخطوة، والمعنى: تقدم خطوة قدامك، وتؤخر خطوة أخرى خلفك.

وأورد عليه: أن تأخير الخطوة المقدمة إلى موضع ابتدأ منه لا إلى خلف المتردد، فالأولى يقدم خطوة، ويؤخر خطوة أخرى، وبعد يرد أن المشهور في التردد تقديم الرجل وتأخيرها لا الخطوة، وتباعد السيد السند في التكلف، فقال:

المراد بالرجل الأخرى الرّجل التي قدمها جعلها رجلا أخرى؛ لأنها من حيث إنها أخرت مغايرة لها من حيث إنها قدمت، ولكن الظاهر ما ذكره أن أخرى صفة تارة، أي: تقدم رجلا تارة، وتؤخرها تارة فإن هيئة تردد المتردد في الذهاب هكذا.

(وهذا يسمى التمثيل) لاستلزامه التمثيل أو لبنائه عليه (على سبيل الاستعارة)؛ لأنه استعارة متضمنة للتشبيه، فالتشبيه التمثيلي فيه على طريق الاستعارة (وقد يسمى التمثيل مطلقا) وحينئذ يقيد اسم التشبيه، فيقال:

تشبيه تمثيل، وتشبيه تمثيلي، ولا يطلق التمثيل مطلقا على التشبيه.

اعترض الشارح على تعريف المجاز المركب بأنه: غير جامع لخروج مجازات مركبة ليست علاقتها التشبيه، كالأخبار المستعملة في الدعاء أو التحسر أو التحزن أو نحو ذلك.

ولا يبعد أن يقال: ما سوى الاستعارة التمثيلية من المجازات المركبة مجازات بالعرض، والمجاز بالأصالة أجزاؤها الداخلة في المجاز المفرد، فلو عدّ اللفظ الذي صار مجازا لتجوز في جزئه قسما على حدة من المجاز لكان جاء في أسد، وقوله تعالى: وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ (١) وأمثالها مجازات مركبة، ولم يقل به أحد، بخلاف الاستعارة التمثيلية فإنها من حيث إنها استعارة لا تجوز في شيء من أجزائها، بل المجموع نقل إلى غير معناه من غير تصرف في شيء من أجزائه، فالمجاز المركب اللفظ المستعمل من حيث المجموع فيما شبه بمعناه


(١) آل عمران: ١٠٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>