للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عليه (١) بأن يثبت للمشبه أمر مختص بالمشبه به) من غير أن يكون هناك أمر محقق حسا أو عقلا يجري عليه اسم ذلك الأمر، (فيسمى) التشبيه (استعارة بالكناية) أو استعارة (مكنيا عنها).

أما الكناية والمكني عنها فلأنه لم يصرح به، بل إنما أشير إليه بذكر لازم المشبه به.

وأما الاستعارة وإن قيل: إنها مجرد تسمية خالية عن المناسبة كما مر؛ فلأنها استعيرت للدلالة عليه ذكر لازم المشبه به؛ لأن ما هو حقه تلك الدلالة أداة التشبيه.

(و) يسمى (إثبات ذلك الأمر) المختص بالمشبه به (للمشبه استعارة تخييلية) (٢) لاستلزامه استعارة لازم المشبه به للمشبه، وتخييل أن المشبه من جنس المشبه به، وهذا القول منه في الاستعارة التخييلية موافق لكلام السلف، ومصرح به في كلام الشيخ عبد القاهر.

وقد سمعت فيها قول السكاكي؛ ففيها قولان لا ثلاث لهما، ولا يذهب عليك أن تعريف الاستعارة بالكناية لا يشمل ما جعل القرينة فيه استعارة لفظ لازم المشبه به، للزوم المشبه، فإن مجرد التعبير عن لازم المشبه بلفظ لازم المشبه به يدل على التشبيه، فإنه لولا التشبيه لم يستعر المشبه به للمشبه.

وقد جعل العلامة في «الكشاف» قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ (٣) من هذا القبيل؛ حيث قال: شاع استعمال النقض في إبطال العهد، من حيث تسميتهم العهد بالحبل، على سبيل الاستعارة؛ لما فيه من ثبات الوصلة بين المتعاهدين، إلا أنه لما زعم المصنف أن الاتفاق على أن قرينة المكنية لا تكون إلا التخييلية كما سيجيء، لم يحفظ تعريفها عن خروج مثلها عنه.

قال المصنف في الإيضاح: ثم ذلك الأمر المختص بالمشبه به المثبت للمشبه، منه ما لا يكمل وجه الشبه في المشبه به بدونه، ومنه ما به يكون قوام وجه الشبه


(١) أي: على ذلك التشبيه المضمر في النفس، ويمتاز هذا التشبيه على التشبيه الاصطلاحي بما تمتاز به الاستعارة من المبالغة في التشبيه.
(٢) على هذا يكون الاستعارتان عنده أمرين معنويين غير داخلين في تعريف المجاز.
(٣) البقرة: ٢٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>