للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فأشار أولا إلى بيان التخييلية التي هو فيه بقوله:

(أراد) زهير (أن يبين أنه ترك ما كان يرتكبه زمن مرادف) الزمان (المحبة من الجهل أو العي وأعرض عن معاودته) لأدلة في الكلام على تركه ما كان يرتكبه من المحبة مطلقا على ما يقتضيه السّوق، فتنبه.

وإنما يدل على تركه ما كان يرتكبه في حب سلمى إلا أن يراد بسلمى جنس المحبوبة، كما قد يراد بحاتم السخي، ثم لا دلالة فيه على الإعراض عن معاودته إلا أن يؤخذ ذلك من أبيات أخر لهذا الشعر والله أعلم.

(فبطلت آلاته) أي: آلات القلب، وكذا عود الضمير في معاودته.

وقال الشارح: الضمير إن «إلى ما يرتكبه» وكأنه حفظ البيت عن أن يكون فيه قلب.

وهاهنا بحث، وهو أنه لم يقصد على مذهب المتن إلا حقيقة الأفراس والرواحل، فكيف يدل على أنه بطلت آلاته، إنما يلائم ذلك لو أراد بأفراس آلات ما يلزمه، فيجعل الاستعارة التحقيقية قرينة للمكنية، كما سمعه في قوله تعالى: يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ وتوهم له آلات كما هو شأن السكاكي، ولو سلم فلا دلالة على تعرية أفراس الصبا والرواحل على بطلانها، بل على إهمالها إلى وقت الحاجة، كما هو شأن السائر مسيرة إذا فرغ عن سلوكها.

(فشبه) زهير في نفسه الصّبى (بجهة من جهات السير كالحج والتجارة قضى منها) أي: من تلك الجهة (الوطر) كالسفر هو الحاجة (فأهملت الآلات) ووجه الشبه الاشتغال التام، وركوب المسالك الصعبة فيه، غير مبال بمهلكة، ولا محترز عن معركة مع إهمال الآلات، وليس وجه الشبه تاما بدون ضميمة إهمال الآلات، وليس وجه شبه كما يدل عليه كلام الشرح، فهذا التشبيه المضمر في النفس هو الاستعارة بالكناية والتخييلية التي قرينتها ما أشار إليه بقوله:

(فأثبت له) أي: للصبى (الأفراس والرواحل) (١) التي تخص جهة المسير والسفر، (فالصبى) على هذا (من الصبوة) أي من جنس الصبوة، لا بمعنى


(١) إثبات ذلك له استعارة تخييلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>