للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مزيف جدا لمخالفته مقتضى العقل، وما ذهب إليه القوم بأجمعهم.

(ويقتضي) ما ذكره السكاكي (أن يكون الترشيح تخييلية؛ للزوم مثل ما ذكره) في التخييلية من أنه لما شبه المنية بالسبع في الاغتيال أخذ الوهم في تصويرها بصورته، واختراع لوازمه لها.

(فيه): أي في الترشيح؛ لأنه أيضا إثبات ما اخترعه الوهم من لوازم المشبه به للمشبه، بعد تصويره بصورته، كما يقتضيه التشبيه، فإما أن يلتزمه فيلزم مزيد تعسف ومخالفة للغير، وإما أن يوافق فيه غيره فيلزم التحكم.

وما ذكرنا أقوى مما ذكره الشارح أنه يلزم أن يكون الترشيح تخييلية، مع أنه ذكر صاحب الكشاف في قوله تعالى: وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً (١) ما يدل على أن الترشيح ليس من الاستعارة؛ حيث قال: إنه يجوز أن يكون الحبل استعارة لعهده، والاعتصام استعارة للوثوق بالعهد، أو هو ترشيح هذا يريد بقوله: ليس من الاستعارة أنه ليس بجميع أفراده منها، بل ربما يفارقها؛ فإنه دل على أن الترشيح متحقق بدون الاستعارة، سواء كان المراد بقوله أو هو ترشيح بدون استعارة، أو كان المراد بقوله: أو هو ترشيح على إطلاقه، فلا يرد على الشارح مما ذكره السيد السند أنه يجوز أن يكون المراد بقوله: أو هو ترشيح فقط، فلا ينافي تحقق الترشيح مع الاستعارة أو هو ترشيح مع الاستعارة، بل يجوز كما جوّزه صاحب الكشاف، بل الشارح نفسه أيضا في شرح الكشاف؛ فإن الاعتصام مع كونه استعارة للوثوق بالعهد ترشيح لاستعارة الحبل للعهد، فإن التعبير عن لازم العهد بعبارة هي حقيقة في لازم الحبل ترشيح.

ووجه كون ما ذكرنا أقوى أنه لا يلزمه على ما ذكره إلا مخالفته للكشاف، لكن ما ذكره وفق بتقرير الإيضاح.

وأجاب الشارح عن هذا الاعتراض بأن الأمر الذي هو من خواص المشبه به لما قرن في التخييلية بالمشبه، كالمنية مثلا حملناه على المجاز، وجعلناه عبارة عن أمر موهم يمكن إثباته للمشبه.

وفي الترشيح لما قرن بلفظ المشبه به لم يحتج إلى ذلك؛ لأنه جعل المشبه به


(١) آل عمران: ١٠٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>