الموضوع له، وما اعتبر فيه الخارج خارج فيكون مجازا كالمصرحة، وفيه أن اعتبار الخارج ليس فيما استعمل الاستعارة بالكناية فيه، بل إنما استعملت فيما وضعت له، وجاء الخارج من إضافة لازم المشبهة هي به.
وقد جرني سماع هذه الأصوات على أن ترنمت فيما بينهم بأن المنقسم إلى الاستعارة بالكناية والاستعارة المصرحة ليست استعارة، وهي قسم المجاز، بل ما يطلق عليها الاستعارة، فلتكن الاستعارة بالكناية حقيقة. وهذا التقسيم منه كتقسيمه للمجاز إلى المجاز العقلي والمجاز اللغوي، بعد تعريفه المجاز بالكلمة المستعملة في غير ما وضعت له بالتحقيق في اصطلاح به التخاطب، ولا شبهة أن المنقسم ما يطلق عليه المجاز لا المجاز لمعنى عرف حيث عرف فتأمل.
(واختار) السكاكي (رد التبعية (١) إلى المكنى عنها على نحو قوله) أي:
قول السكاكي (في المنية وأظفارها) حيث جعل المنية استعارة بالكناية، وإضافة الأظفار المستعارة للصورة الوهمية الشبيهة بالأظفار قرينتها لا يجعل التبعية مكنيا عنها (بل يجعل قرينتها) أي: قرينة التبعية (مكنيا عنها) وجعل (التبعية قرينتها) ففي قولنا: نطقت الحال بكذا، جعل الحال الذي جعله القوم قرينة التبعية، استعارة بالكناية باستعماله في متكلم ادعاء، ويجعل إثبات النطق الذي هو من لوازم المتكلم له قرينة تلك الاستعارة، لكن في كون ذلك مختار السكاكي نظر؛ لأنه قال في آخر بحث الاستعارة التبعية: هذا ما أمكن من تلخيص كلام الأصحاب في هذا الفصل، ولو أنهم جعلوا قسم الاستعارة التبعية من قسم الاستعارة بالكناية، بأن قلبوا فجعلوا في قولهم: نطقت الحال بكذا الحال التي ذكروها عندهم قرينة الاستعارة بالتصريح استعارة بالكناية عن المتكلم بوساطة المتابعة في التشبيه، على مقتضى المقام، وجعلوا نسبة النطق إليه قرينة الاستعارة كما تراهم في قوله:[وإذا المنية أنشبت أظفارها] يجعلون المنية استعارة بالكناية عن السبع ويجعلون إثبات الأظفار لها قرينة الاستعارة لكان أقرب إلى الضبط فتدبر.
هذا كلامه، وهو صريح في أنه رد الاستعارة التبعية إلى المكنية على قاعدة
(١) يعني بالتبعية التصريحية التبعية في نحو نطقت من قولهم- نطقت الحال بكذا- ويعني بالتركيب فيها تركيبها مع قرينتها وهى الحال، ويعني برد ذلك إلى تركيب الاستعارة بالكناية أن يجعل استعارة بالكناية وقرينة لها.