القرب والبعد في كلام المفتاح ما ذكره الشارح؛ بحيث لا يخفى على من نظر في كلامه نظرا تاما.
فالأقرب: أن وجه النظر إن جعل مناط القرب والبعد في هذا القسم سهولة المأخذ وعدمها، وفي القسم الثاني وجود الواسطة وعدمها تحكم، وفرق من غير فارق؛ فلا يجاب بما ذكره الشارح، بل بما ذكره السيد السند لو تم من أن الواسطة وعدمها ظاهران في القسم الثاني دون الأول.
ولك أن تجعل النظر: أن التكلف في الاختصاص قد يكون في القسم الأول، كما إذا لم يكن للمعنى الواحد اختصاص إلا بتمحل وتكلف، والبراءة عنه في القسم الثاني بأن يكون اختصاص مجموع معان مشتهرا واضحا. ويمكن دفعه بأن التقسيم على هذا الوجه من تصرفات المصنف، ويمكن أن يكون القريبة عند المفتاح ما يكون اختصاصه ظاهرا بلا تكلف، بأن يتفق في صفة من الصفات اختصاص بموصوف من غير حاجة إلى إعمال تكلف مركبة كانت أو واحدة، والبعيدة عنده أن يتكلف في اختصاصها مركبة كانت أو واحدة، إلا أنه بين التكلف في المركب على سبيل التمثيل، ولم يقصد اختصاص التكلف بالمركب، ولا شموله لجميع أفراده.
(الثانية: المطلوب بها صفة (١) بمعنى ما قام بالغير) والمكني في طويل النجاد عند التحقيق طول القامة؛ لأن طويل القامة وكلام المصنف حيث قال:
كقولهم كناية عن طول القامة، مشعر بحمل الصفة على هذا المعنى، فلا يتجه أنه إن أريد بالصفة ما قام بالغير يخرج طويل النجاد، وإن أريد مدلول الصفة المفسرة بما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى معين خرج عنه نحو: أعجبني طول نجاد فلان، فإنه كناية عن طول قامته، لا عن طويل القامة.
وهي ضربان: قريبة، وبعيدة (فإن لم يكن الانتقال) من الكناية إلى المطلوب (بواسطة قريبة) والقريبة قسمان: (واضحة) يحصل الانتقال منها بسهولة، ومن البين جريان هذين القسمين في القسم الأول من الكناية، وكأنهما
(١) بأن تكون نسبة الصفة إلى موصوفها معلومة، فتكون الصفة نفسها هي المطلوبة من صفة أخرى يكنى بها عنها للاعتناء بها والمبالغة فيها.