أهملا فيه لعدم الاطلاع على أمثلتهما في كلام البلغاء (كقولهم كناية عن طول القامة: طويل نجاده وطويل النجاد) وخص هذا القسم بتعد، والمثال من بين الأمثال إشارة إلى تقسيم آخر كما أشار إليه بقوله:
(والأولى) كناية (ساذجة) لا يشوبها شيء من التصريح (وفي الثانية تصريح ما لتضمن الصفة) بمعنى ما دل على ذات مبهمة باعتبار معنى معين (الضمير) الراجع إلى الموصوف ضرورة احتياجها إلى مرفوع مسند إليه؛ لمشابهتها الفعل الذي لم يخل عن مرفوع على ما قيل، وليخرج المضاف إليه عن كونه فاعلا إلى كونه فضلة، فتبعد الإضافة عن استهجان إيهام إضافة الشيء إلى نفسه؛ لأن الصفة عين فاعله على ما نقول، فإضافة الصفة أبدا إلى المفعول أو الملحق به، ولا يكون إلى الفاعل قطعا، لكن هذه الإضافة لا تحسن، بل تقبح، ما لم تتضمن الصفة معنى قائما يتضمنها لا محالة، حين الإضافة، فإن الطويل المسند إلى نجاد أحد يتضمن طول قامته؛ فبهذا الاعتبار حسن إسناده إلى ضمير بعد الإضافة، لأن إسناد الطول الذي هو صفة النجاد في قوة إسناد طول القامة إليه، بخلاف: زيد أصفر ثوره.
وبهذا التحقيق عرفت أن إسناد الطويل إلى ضمير الموصوف لا يجعله صريحا؛ لأنه إسناد طويل هو صفة النجاد، بل يجعله في قوة الصريح؛ لأن الإسناد بملاحظة تضمنه طول القامة، فكأنه أسند بإسناده طول القامة، وبهذا حكم عليه بأن فيه تصريحا مالا لأنه أسند إليه الطويل الذي هو حاله، كما ظنه الشارح.
كيف ولو كان كذلك يخص هذا العرف بطول نجاده وطويل النجاد، ويكون قولنا: زيد كثير الرماد، كناية ساذجة، كقولنا: زيد كثير رماده. وقد أورد بناء على ظنه هذا أنه يجب أن يكون طويل النجاد تصريحا لا كناية فيها تصريح ما، وتكلف في جوابه بأن اعتبار الضمير لمجرد أمر لفظي، هو امتناع خلو الصفة عن مرفوع، وبما حققناه لا اتجاه لهذا السؤال.
(أو خفية) ما عطفت عليها واضحة، وخفاؤها بأن يتوقف الانتقال منها على تأمل وإعمال روية، ولا يخفى أن الساذجة والمشوبة بالتصريح جاريتان فيه، نحو: عريض قفاه، وعريض القفاء، وكذا الواضحة والخفية بأن يكون الانتقال في