للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولا يخفى سماحته، والعبارة الصحيحة أراد أن يثبت هذه الصفات له.

ولا يخفى أنه لو جعل التعريف في السماحة والمروءة والندى للجنس الاستغراقي أفاد حصر هذه الصفات في ابن الحشرج؛ لأن جميع أفرادها إذا قامت به لا تقوم بغيره؛ إذ الصفة لا تقوم بملحين، وتكون مبالغة في كمال ابن الحشرج في هذه الصفات بحيث التحقت هذه الصفات في غيره بالعدم، فلا يبعد أن يكون قول المصنف: إنه مختص بها، وقوله: اختصاص ابن الحشرج على ظاهرهما، وحينئذ يكون في البيت كنايتان أحديهما: جعل إثبات جميع أفراد الثلاثة له كناية عن الاختصاص، وثانيتهما: جعل جملتها في قبة مضروبة عليه كناية عن الثبوت له.

(فترك التصريح بأن تقول: إنه مختص بها أو نحوه) مجرور معطوف على أن تقول أي التصريح بنحو هذا القول، أو منصوب معطوف على مفعول أن يقول:

أي نحو قولنا: إنه مختص بها من العبارات الدالة على هذا المعنى من نحو اختص بها أو ثبت له دون غيره في وجه، ومن نحو: سمح ابن الحشرج سمح أيضا في وجه آخر، فتأمل.

(إلى الكناية بأن جعلها) أي: تلك الصفات (في قبة مضروبة عليه) أي:

على ابن الحشرج فأفاد إثبات الصفات المذكورة له؛ لأنه إذا ثبت الأمر الذي لا يقوم إلا بغيره في مكان الرجل ثبت له؛ لأن الصفات تثبت في المكان بتبعية ثبوت محلها؛ ولهذا كان هذا من قبيل الكناية دون المجاز؛ إذ لو امتنع ثبوت الصفات في المكان لامتنعت إرادة الحقيقة، ولم تكن كناية، بل مجازا.

ونحن نقول: لا يبعد أن يجعل كون هذه الصفات في قبة ضربت على ابن الحشرج، كناية عن كونها عين ابن الحشرج، حيث جعلت في مكان ابن الحشرج، والمتبادر من الكون في المكان الكون بالذات، ولا يكون في مكان الرجل بالذات إلى نفسه، فكأنه قيل: ابن الحشرج هو السماحة والمروة والندى.

(ونحوه) أي: نحو قوله في الكون مثال الكناية المطلوبة بها النسبة (قولهم [المجد) أي: نبل الشرف والكرم؛ إذ لا يكون إلا بالآباء أو كرم الآباء خاصة، والكرم والحسب أعم من أن يكون من جهة الآباء أو نفس الرجل (بين ثوبيه)

<<  <  ج: ص:  >  >>