للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كناية عن الاستدلال على كفر المؤذي المعرض به بأن يقال هو كناية عن أن هذا المؤذي كافر؛ لأنه لا يسلم المسلمون من لسانه ويده، وكل من لا يسلم المسلمون من لسانه ويده فهو كافر، يكون قسما رابعا من الكناية.

(كقوله) أي: قول زياد الأعجم [(إن السّماحة) أي: الكرم لا الجود؛ لئلا يكون الندى تطويلا (والمروءة) بضمتين كمال الرجولية (والنّدى) أي: الجود (في قبّة) هي تكون فوق الخيمة يتخذها الرؤساء، يقال: بيت مقبب جعلت فوقه قبة (ضربت على ابن الحشرج]) (١) على وزن جعفر اسم رجل (فإنه إن أراد أن يثبت اختصاص ابن الحشرج بهذه الصفات).

قال الشارح: أراد بالاختصاص ثبوت الصفات له، سواء كان على طريق الحصر أو لا يدل عليه أنه جعل السكاكي (٢) من التصريحات بالاختصاص له المتروكة إلى الكناية سمح ابن الحشرج أو حصل السماحة له أو ابن الحشرج سمح.

ومن البين أنه لا حصر في شيء منها، ويؤيد ما ذكره قوله في الإيضاح فإنه حين أراد أن لا يصرح بإثبات هذه الصفات لابن الحشرج جمعها في قبة؛ تنبيها بذلك على أن محلها ذو قبة، وجعلها مضروبة عليه لوجود ذوي قباب في الدنيا كثيرين، فأفاد إثبات الصفات المذكورة له بطريق الكناية هذا.

ثم وجه إرادة الثبوت بالاختصاص أن الاختصاص هو الثبوت لشيء، والنفي عن غيره، فأريد هنا بعض معناه.

وفي شروح المفتاح: أنه مبني على أن الإثبات تخصيص بالذكر، ولا يخفى أن المراد هنا ليس الاختصاص بالذكر، وليست الإرادة متعلقة بإثبات الاختصاص بالذكر.

بقي أنه إذا جعل الاختصاص بمعنى ثبوت الصفات له صار قوله: فإنه أراد أن يثبت ثبوت هذه الصفات له.


(١) البيت لزياد الأعجم من قصيدة له في المدح، وهو كناية عن وصف ممدوحه في صفات المروءة والسماحة والندى، وهو في الإيضاح: (٢٩٠)، والطراز: (١/ ٤٢٢)، ونهاية الإيجاز: (٢٧١)، والإشارات (٢٤٥).
(٢) المفتاح- ٢١٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>