للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

البلاهة، وليس الوسادة كناية قصد عريض القفاء بها، إلى مجرد فرض وتقدير، فلا يصح قول السكاكي كما في قولهم: عريض الوسادة كناية عن هذه الكناية، وحينئذ لا جواب له.

ويحتمل أن يكون إن القريب ما لا يكون بينه وبين المطلوب واسطة، ولا خفاء في أن المطلوب بعريض الوسادة الأبله، سواء قصد به عريض القفا والأبله، فلا يحتمل أن يكون قريبا.

وجوابه حينئذ: أن المطلوب عبارة عن المقصود من اللفظ لا ما لا يكون وسيلة إلى شيء آخر بعد إفادته باللفظ.

(وإن كان) أي: الانتقال (بواسطة) فهي (بعيدة) فضلا عن أن يكون بأكثر من واسطة، ولم يقل: وإلا فبعيدة لئلا يشتبه المعطوف عليه، ولأن الأعذب مقابلة الإثبات والنفي، لا مقابلة النفي ونفيه (كقولهم كثير الرماد كناية عن المضياف، فإنه ينتقل من كثرة الرماد إلى كثرة إحراق الحطب تحت القدر، ومنها) أي: ومن كثرة الإحراق وكذا كل ضمير يأتي إلى كثرة قبله (إلى كثرة الطبايخ، ومنها إلى كثرة الأكلة، ومنها إلى كثرة الضيفان) بكسر الضاد جمع ضيف.

و(منها إلى المقصود) وهو المضياف، وبحسب قلة الوسائط وكثرتها وسرعة الانتقال في كل مرتبة وبطؤها تختلف الدلالة على المقصود وضوحا وخفاء.

(الثالثة المطلوب بها نسبة) (١) سواء كان طرفا النسبة مذكورين صريحين، فتنفرد الكناية في النسبة أو أحدهما، مذكور صريحا والآخر كناية، فتجتمع الكناية في النسبة مع الكناية عن الموصوف أو الصفة؛ إذ كلاهما مذكورين كناية فتجتمع الأقسام الثلاثة فالاحتمالات العقلية سبعة؛ أربعة منها اجتماع الثالث أو اثنان منها، ولا يبطل بشيء منها حصر القسمة؛ لأن المقسم مقيد بالوحدة كما في سائر التقسيمات.

نعم لو جعل قوله عليه السّلام: «المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده» (٢)


(١) بأن يصرح بالصفة ويقصد بإثباتها لشيء الكناية عن إثباتها للموصوف بها.
(٢) أخرجه البخاري برقم (١٠) و (٦٤٨٤)، ومسلم برقم (٤١) وأبو داود (٢٤٨١).

<<  <  ج: ص:  >  >>