للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرده تمثيلهم المطابقة بأمثال فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً (١) وقد توجه بأن الطباق هو جمع المتقابلين فقط، والمقابلة جمع المتقابلات، وفيه أنه لو خص الطباق بجمع المتقابلين فقط يخرج جمع المتقابلات من غير ذكر على ترتيب المتناسبات المجموعة أولا منها. وبقي مهملا، مع أنه من المحسنات البديعية المعنوية.

ثم قسم المقابلة إلى أقسام، مقابلة الاثنين بالاثنين، والثلاثة بالثلاثة، والأربعة بالأربعة، إلى غير ذلك مما لا يحصى.

ولما كان هذا التقسيم والتسمية من التطويل بلا طائل لم يلتفت إليه المصنف، ونبه على أنها تقع على تلك الأنحاء بذكر الأمثلة الثلاثة.

(نحو) قوله تعالى (فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيراً ونحو قوله) أي: قول رجل كني بأبي دلامة على وزن نمامة:

(ما أحسن الدّين والدّنيا إذا اجتمعا ... وأقبح الكفر والإفلاس بالرّجل) (٢)

ذكر الرجل تغليب؛ إذ حديث المرأة معلوم بطريق الأولى؛ لأنه إذا لم يدفع قبح الكفر والإفلاس كمال الرجل برجوليته، كيف يدفعه نقصان المرأة؛ لكونها مرأة (ونحو فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى) (٣) أي: بالكملة الحسنى أعني: كلمة التوحيد أو بالخصلة الحسنى أي: الإيمان أو بالملة الحسنى، وهو الملة من عند الله أو بالمثوبة الحسنى، وهي الجنة فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (٤).

قال الشارح: ولما كان التقابل في الجميع ظاهرا إلا مقابلة الاتقاء والاستغناء، بيّنه بقوله (المراد باستغنى: أنه زهد فيما عند الله تعالى، كأنه مستغن عنه فلم يتق).

ويمكن أن يقال: لما كان ظاهر العبارة إدخال مقابلة في الطباق، وكان المراد


(١) التوبة: ٨٢.
(٢) البيت لأبي دلامة، وقيل: أبو لأمة، وأبو دلامة: كنية زند بن الجون، شاعر السفاح والمنصور والمهدي، توفي سنة (١٦١ هـ) وهو في الإيضاح (٣٠٤)، والمصباح: ١٩٣)، والإشارات: (٦٣).
(٣) الليل: ٥، ٦.
(٤) الليل: ٧ - ١٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>