إدخاله في الطباق، ولم يلحق به، نبه على أن جميع الاتقاء والاستغناء مما يلحق بالطباق؛ ليعلم أنه أراد بقوله: دخل فيه الدخول في الطباق وما يلحق به، ثم نقول: مقابلة الاستغناء عن الله بالتقوى ظاهر مستغن عن جعله في قوة عدم التقوى فتأمل.
(أو استغنى بشهوات الدنيا عن نعيم الجنة فلم يبق، وزاد السكاكي) قال الشارح: أي في تعريف المقابلة قيدا آخر، فعرفه بأن يجمع بين شيئين متوافقين أكثر وضديهما.
(وإذا شرط) اعتبر (هاهنا) أي: فيما بين الموافقين أو المتوافقات (أمر شرط ثمة) أي: فيما بين الضدين أو الأضداد.
(ضده) أي: ضد ذلك الأمر (كهاتين الآيتين) فإنه لما جعل التيسير مشتركا بين الإعطاء والاتقاء والتصديق.
(جعل ضده) وهو التعسير المعبر عنه بقوله: فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (مشتركا بين أضدادها) وهي البخل والاستغناء والتكذيب، فعلى هذا لا يكون بيت أبي دلامة من المقابلة؛ لأنه اشتراط في الدين والدنيا الاجتماع، ولم يشترط في الكفر والإفلاس ضده، بل الظاهر أنه مبني على الاجتماع؛ إذا الإفلاس مع الإسلام ليس قبيحا فضلا عن كونه غاية في القبح، هكذا شرح كلام المصنف والمفتاح، ووافقه شريف زمانه.
ونحن نقول إثبات مذهب جديد للسكاكي بلا سند معتد به، مما لا يستحسنه العقلاء، وقول السكاكي وإذا شرط هنا أمر شرط ثمة ضده، كما يحتمل أن يكون بيان ما لا بد منه للمقابلة يحتمل أن يكون بيان ما به يكمل ويزيد حسنها، بل سوق كلامه؛ حيث قال بعد التعريف ثم إذا شرط هاهنا أمر شرط، ثم ضده يدل على المخالفة بين هذا الكلام والتعريف؛ وذلك لأن التعريف بيان ما لا بد منه للمقابلة، وهذا بيان ما له بد منه، وله مدخل في كمالها.
ولكلام المصنف احتمال أنه زاد السكاكي حكما على القوم هو أنه يكمل المقابلة بذلك، لا أنه زاد في تعريف المقابلة قيدا.