للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونحن نبين لك علاقات أمثلة الشارح على وجه تتخلص من هذه الورطة، وتمكن في تخريج العلاقة بحيث لا يلتبس عليك، ولا يشكل مشاكلة.

(تحقيقا) أي: وقوعا محققا (أو تقديرا) أي: مقدرا، فالأول كقوله (١):

[(قالوا اقترح) أي علينا (شيئا) أي: سل من غير تفكر وتأمل، يقال:

اقترحت عليه شيئا أي: سألته بلا تفكر، وهذا إنما يكون بين الأصدقاء.

وأما ما قال الشارح: إنه من اقترحت عليه شيئا إذا سألته إياه من غير روية وطلبته على سبيل التكليف، والتحكم عن خلط المعنيين، فإن الاقتراح يجيء بمعنى السؤال من غير روية على ما في الصحاح.

ويجيء بمعنى التحكم أيضا على ما في القاموس، على أن إجادة الطبخ لا ينبغي أن تتوقف على التكليف والتحكم، بل ينبغي أن يتحقق بمجرد الإشارة.

وقد يجيء بمعنى الابتداع، ويحتمله البيت أي: ابتدع سؤالا، وسل ما لا يعتاد سؤال مثله (نجد لك طبخه) ولا يخفى أنه أبلغ في الانقياد لأمره من الانقياد لما تعتاد سؤال مثله.

والشارح المحقق ذهل عنه، فقال: ليس من اقترح الشيء ابتدعه، فإنه غير مناسب على ما لا يخفى، وقوله نجد، مجزوم جواب الأمر من الإجادة يعني التحسين، وهو مقتضى الرواية والدراية، وإن كان لنجد من وجد وجه صحة (قلت اطبخوا لي جبّة وقميصا)] (٢) عبر عن الخياطة بالطبخ تشبيها له في كونه مما ينبغي أن يكون مرغوبا لهم؛ لأنهم كما قالوا نجد لك طبخه علم أنهم رغبوا في الطبخ له فرغبهم في الخياطة بتصويره بصورة الطبخ.

ومن هذا ظهر أيضا تأثير المشاكلة في المعنى واضمحل ما يوسوس في صدور القاصرين أنه لا يتجاوز تحسين المشاكلة الألفاظ، فحقه أن يعد في المحسنات اللفظية.

ولا يخفى أن هذا التعبير يلائم كل الملائمة كون الاقتراح بمعنى الابتداع، فإنه


(١) قوله «اقترح» امر من «اقترح عليه شيئا» إذا سأله من غير روية وطلبه على سبيل التكليف، وقوله «نجد» بمعنى نحسن.
(٢) البيت لأبي الرّقعمق الأنطاكيّ، توفي سنة (٣٩٩)، وهو في الإيضاح: (٣٠٨)، والمصباح: (١٩٦).

<<  <  ج: ص:  >  >>