للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سؤال مبتدع لم يسمع قط من طبخ الجبة والقميص، وأشار بقوله (ونحوه تَعْلَمُ ما فِي نَفْسِي وَلا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (١) أي: في ذلك إلى تفاوت بين الشاهدين، فالأول وقع فيه الطبخ، والثاني وقع في الصحة، باعتبار وقوعهما في كلام صادر من شخص واحد، يقال: لا يجوز إطلاق النفس على الله تعالى، وإن أريد به الذات بدون المشاكلة، ولعل ذلك لكون إطلاق الألفاظ عليه تعالى توقيفيا. ولم يوجد إطلاق النفس في غير صورة المشاكلة، وأما إطلاق النفس على ذاته فبعلاقة أنه كما تقوم أمور الشخص بنفسه تقوم أموره تعالى بذاته، فنفسه نفس ذاته، كما أن سمعه وبصره كذلك.

(والثاني) وهو ما يكون وقوعه في صحبته تقديرا (نحو قوله) تعالى: قُولُوا آمَنَّا بِاللَّهِ إلى قوله: صِبْغَةَ اللَّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عابِدُونَ (٢) فإنه لم يقع المعنى المراد أعني: التطهير في صحبة الصبغ تحقيقا؛ إذ ليس في الكلام صبغ (وهو مصدر مؤكد لآمنا بالله) أي: من قبيل له على ألف درهم اعترافا، ويجب حذف عامله لذلك ولحذف عامله جهة أخرى، وهو أن المصدر أضيف إلى فاعل الفعل، لا لبيان النوع، وكان الأصل صبغ الله صبغة، فلما حذف الفعل تحول فاعله إلى مصدره فأضيف إليه، وكلما كان كذلك يجب حذف عامله صرح به الرضي، وأشار إلى وجه كونه من قبيل اعترافا بقوله (لأن الإيمان يطهر النفوس) فنبه به على أنه لا يحتمل غير التطهير، وإلا لقال يحتمل تطهير النفوس، ثم أشار إلى بيان وقوعه في صحبة الصبغة تقديرا بقوله: والأصل فيه أي: ما يبنى عليه الأمر في وقوعه في صحبته تقديرا، وهذا أولى من شرح الشارح؛ حيث قال: ثم أشار إلى بيان المشاكلة، ووقوع تطهير الله في صحبته تقديرا (الأصل فيه) أي ذكر التطهير بلفظ الصبغ فتأمل.

(إن النصارى كانوا يغمسون أولادهم في ماء أصفر يسمونه معمورية ويقولون إنه) أي: الصبغ بهذا الماء الأصفر، والغمس في هذا الماء (تطهير لهم) قال في القاموس ويجعلونه بمنزلة الختان، فقال الله تعالى للمسلمين قولوا آمنا بالله


(١) المائدة: ١١٦.
(٢) البقرة: ١٣٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>