للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

٤٦ - الْحَدِيثُ الثَّالِثُ: عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - قَالَ: «كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ، وَالْعَصْرَ وَالشَّمْسُ نَقِيَّةٌ وَالْمَغْرِبَ إذَا وَجَبَتْ، وَالْعِشَاءَ أَحْيَانًا وَأَحْيَانًا إذَا رَآهُمْ اجْتَمَعُوا عَجَّلَ. وَإِذَا رَآهُمْ أَبْطَئُوا أَخَّرَ، وَالصُّبْحُ كَانَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُصَلِّيهَا بِغَلَسٍ» .

ــ

[إحكام الأحكام]

مُتَقَارِبٌ: إلَّا أَنَّ " التَّلَفُّعَ " يُسْتَعْمَلُ مَعَ تَغْطِيَةِ الرَّأْسِ. قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَكُونُ الِالْتِفَاعُ إلَّا بِتَغْطِيَةِ الرَّأْسِ، وَاسْتَأْنَسُوا لِذَلِكَ بِقَوْلِ عُبَيْدِ بْنِ الْأَبْرَصِ:

كَيْفَ تَرْجُونَ سُقُوطِي بَعْدَمَا ... لَفَعَ الرَّأْسَ بَيَاضٌ وَصَلَعٌ

؟ وَاللِّفَاعُ: مَا اُلْتُفِعَ بِهِ. وَاللِّحَافُ: مَا اُلْتُحِفَ بِهِ. وَقَدْ فَسَّرَ الْمُصَنِّفُ " الْمُرُوطَ " بِكَوْنِهَا أَكْسِيَةً مِنْ صُوفٍ أَوْ خَزٍّ. وَزَادَ بَعْضُهُمْ فِي صِفَتِهَا: أَنْ تَكُونَ مُرَبَّعَةً. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: إنَّ سَدَاهَا مِنْ شَعْرٍ. وَقِيلَ: إنَّهُ جَاءَ مُفَسَّرًا فِي الْحَدِيثِ عَلَى هَذَا. وَقَالُوا: إنَّ قَوْلَ امْرِئِ الْقَيْسِ:

عَلَى أَثَرَيْنَا ذَيْلُ مِرْطٍ مُرَجَّلِ

قَالُوا " الْمِرْطُ " هَاهُنَا مِنْ خَزٍّ. وَفَسَّرَ " الْغَلَسَ " بِأَنَّهُ اخْتِلَاطُ ضِيَاءِ الصُّبْحِ بِظُلْمَةِ اللَّيْلِ. وَ " الْغَلَسُ " وَالْغَبَشُ مُتَقَارِبَانِ. وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الْغَلَسَ فِي آخِرِ اللَّيْلِ. وَقَدْ يَكُونُ الْغَبَشُ فِي آخِرِهِ وَأَوَّلِهِ، وَأَمَّا مَنْ قَالَ " الْغَبْسُ " بَالِغَيْنِ وَالْبَاءِ وَالسِّينِ الْمُهْمَلَةِ - فَغَلَطٌ عِنْدَهُمْ.

[حَدِيثُ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ]

الْهَاجِرَةُ: هِيَ شِدَّةُ الْحَرِّ بَعْدَ الزَّوَالِ. الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى الْفَضِيلَةِ فِي أَوْقَاتِ هَذِهِ الصَّلَوَاتِ. فَأَمَّا الظُّهْرُ: فَقَوْلُهُ " يُصَلِّي الظُّهْرَ بِالْهَاجِرَةِ " يَدُلُّ عَلَى تَقْدِيمِهَا فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ، فَإِنَّهُ قَدْ قِيلَ فِي الْهَاجِرَةِ وَالْهَجِيرِ: إنَّهُمَا شِدَّةُ الْحَرِّ وَقُوَّتُهُ. وَيُعَارِضُهُ ظَاهِرُ قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْحَدِيثِ الْآخَرِ «إذَا اشْتَدَّ الْحَرُّ فَأَبْرِدُوا» وَيُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا بِأَنْ يَكُونَ أَطْلَقَ اسْمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>