- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - قَالَ: حَدَّثَنِي الْبَرَاءُ - وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ - قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ: لَمْ يَحْنِ أَحَدٌ مِنَّا ظَهْرَهُ حَتَّى يَقَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَاجِدًا، ثُمَّ نَقَعُ سُجُودًا بَعْدَهُ» .
ــ
[إحكام الأحكام]
[حَدِيثُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إذَا قَالَ سَمِعَ اللَّهُ لِمَنْ حَمِدَهُ]
" عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْخِطْمِيُّ " مَفْتُوحُ الْخَاءِ سَاكِنُ الطَّاءِ - مِنْ بَنِي خَطْمَةَ. وَخَطْمَةُ مِنْ الْأَوْسِ. كَانَ أَمِيرًا عَلَى الْكُوفَةِ. وَاَلَّذِي رَوَى عَنْهُ هَذَا الْحَدِيثَ: أَبُو إِسْحَاقَ. وَقَوْلُهُ " وَهُوَ غَيْرُ كَذُوبٍ " حَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّهُ كَلَامُ أَبِي إِسْحَاقَ فِي وَصْفِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ، لَا كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ فِي وَصْفِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ. وَاَلَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَلَامُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يَزِيدَ فِي وَصْفِ الْبَرَاءِ بْنِ عَازِبٍ وَلَوْ كَانَ ذَكَرَ أَبَا إِسْحَاقَ لَكَانَ أَحْسَنَ، أَوْ مُتَعَيَّنًا، لِاحْتِمَالِ الْكَلَامِ الْوَجْهَيْنِ مَعًا.
وَأَمَّا عَلَى مَا ذَكَرَهُ: فَلَا يُحْتَمَلُ إلَّا أَحَدُهُمَا. وَهُوَ الْبَرَاءُ. وَاَلَّذِينَ حَمَلُوا الْكَلَامَ عَلَى الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: قَصَدُوا تَنْزِيهَ الْبَرَاءِ عَنْ مِثْلِ هَذِهِ التَّزْكِيَةِ؛ لِأَنَّهُ فِي مَقَامِ الصُّحْبَةِ، وَكَذَا نُقِلَ عَنْ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ، أَنَّهُ قَالَ - يَعْنِي أَبَا إِسْحَاقَ - إنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ غَيْرُ كَذُوبٍ. وَلَا يُقَالُ لِلْبَرَاءِ: إنَّهُ غَيْرُ كَذُوبٍ. فَإِذَا قَصَدُوا ذَلِكَ فَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ أَيْضًا قَدْ شَهِدَ الْحُدَيْبِيَةَ. وَهُوَ ابْنُ سَبْعَ عَشْرَةَ سَنَةً. وَرَدَّ هَذَا بَعْضُهُمْ بِرِوَايَةِ شُعْبَةَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ قَالَ: سَمِعْتُ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ يَزِيدَ يَخْطُبُ يَقُولُ: حَدَّثَنَا الْبَرَاءُ، وَكَانَ غَيْرَ كَذُوبٍ. وَإِنْ كَانَ هَذَا مُحْتَمَلًا أَيْضًا.
وَالْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى تَأَخُّرِ الصَّحَابَةِ فِي الِاقْتِدَاءِ عَنْ فِعْلِ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، حَتَّى يَتَلَبَّسَ بِالرُّكْنِ الَّذِي يَنْتَقِلُ إلَيْهِ، لَا حِينَ يَشْرَعُ فِي الْهَوِيِّ إلَيْهِ. وَفِي ذَلِكَ دَلِيلٌ عَلَى طُولِ الطُّمَأْنِينَةِ مِنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
وَلَفْظُ الْحَدِيثِ الْآخَرِ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ، أَعْنِي قَوْلَهُ " فَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا. وَإِذَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute